«سورة» كلمة مشتقّة من «السور» أي الجدار المرتفع ، ثمّ أطلقت على الجدران التي تحيط بالمدن لحمايتها من مهاجمة الأعداء. وبما أنّ هذه الجدران كانت تعزل المدينة عن المنطقة المحيطة بها ، فقد استعملت كلمة «سورة» تدريجيا في كل قطعة مفصولة عن شيء ، ومنها استعملت لتعني قسما من القرآن. كما قال بعض اللغويين : إنّ «سورة» بناء جميل مرتفع ، وهذه الكلمة تطلق أيضا على قسم من بناء كبير ، وتطلق السورة على أقسام القرآن المختلفة المفصولة بعضها عن بعض (١).
وعلى كل حال فإنّ هذه العبارة إشارة إلى كون أحكام ومواضيع هذه السورة ـ من اعتقادات وآداب وأوامر إلهية ـ ذات أهمّيّة فائقة ، لأنّها كلها من الله.
وتؤكّد ذلك عبارة «فرضناها» ، لأنّ «الفرض» يعني قطع الشيء الصلب والتأثير فيه كما يقول الراغب في مفرداته.
وعبارة (آياتٍ بَيِّناتٍ) قد تكون إشارة إلى الحقائق المنبعثة عن التوحيد والمبدأ والمعاد والنبوّة ، التي تناولتها هذه السورة. وهي إزاء «فرضنا» التي تشير إلى الأوامر الإلهية والأحكام الشرعية التي بيّنتها هذه السورة. وبعبارة أخرى : إحداها تشير إلى الاعتقادات ، والأخرى إلى الأحكام الشرعية.
ويحتمل أن تغني «الآيات البينات» الأدلة التي استندت إليها هذه الأحكام الشرعية.
وعبارة (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) تؤكّد أن جذور جميع الاعتقادات الصحيحة ، وتعاليم الإسلام التطبيقية ، تمكن في فطرة البشر.
وعلى هذا الأساس فإن بيانها يعتبر نوعا من التذكير.
وبعد هذا الاستعراض العام. تناولت السورة أوّل حكم حاسم للزاني والزانية
__________________
(١) «لسان العرب» المجلد الرّابع ، مادة «سور».