يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ).
في الوقت الذي يعتبر هذا تناقضا صريحا ، إذ كيف للذي يؤمن برسالة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ويعتبر حكمه حكم الله تعالى أن ينسب الظلم إلى الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! وهل يمكن أن يظلم الله أحدا؟
أليس الظلم وليد الجهل أو الحاجة أو الكبر؟
إنّ الله تعالى مقدّس عن كلّ هذه الصفات (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) إنّهم لا يقتنعون بحقّهم ، وهم يعلمون أنّ النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجحف بحق أحد ، ولهذا لا يستسلمون لحكمه.
ويرى مفسّر «في ظلال القرآن» : في الآية : (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ؟ أَمِ ارْتابُوا؟ أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ؟) أنّ السؤال الأوّل للإثبات ، أي لاثبات وجود مرض النفاق في قلوبهم فمرض القلب جدير بأن ينشئ مثل هذا الأثر.
والسؤال الثّاني للتعجب ، فهل هم يشكّون في حكم الله وهم يزعمون الإيمان؟ هل هم يشكّون في مجيئه من عند الله؟ أو هم يشكّون في صلاحيته لإقامة العدل؟
والسؤال الثّالث لاستنكار أمرهم الغريب ، والتناقض الفاضح بين ادعائهم وعملهم.
وإنّه لعجيب أن يقوم مثل هذا الخوف في نفس إنسان ، فالله خالق الجميع وربّ العالمين ، فكيف يحيف في حكمه على أحد من خلقه لحساب مخلوق آخر (١).
وما يورده هذا المفسّر هو أنّ عبارة «أم ارتابوا» تعني الشك في عدالة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي صحة تحكيمه في الوقت الذي يرى كثير من المفسّرين أنّه الشك في أصل النّبوة كما هو الظاهر.
* * *
__________________
(١) تفسير في ظلال القرآن ، المجلد (١٧ ـ ٢٠) ، صفحة ١١٥ ـ طبعة دار إحياء الكتب العربية ـ الطبعة الأولى.