عبارة (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، لأن خلافة وحكومة السابقين بالتأكيد لم تشمل الأرض كلها.
وإضافة إلى ذلك فإنّ سبب نزول هذه الآية يبيّن لنا ـ على أقلّ تقدير ـ وقوع مثل هذا الحكم في عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (رغم حدوثه في أواخر حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم).
ونقولها ثانية : إنّ نتيجة جهود جميع الأنبياء والمرسلين حصول حكم يسوده التوحيد والأمن الكامل والعبادة الخالية من أيّ نوع من الشرك ، وذلك حين ظهور المهدي (عج) ، وهو من سلالة الأنبياء عليهمالسلام وحفيد النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو المقصود في هذا الحديث الذي تناقله جميع المسلمين عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي ، اسمه اسمي ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا» (١).
وممّا يجدر ذكره هنا قول العلّامة الطبرسي في تفسير هذه الآية : روي عن أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حول هذه الآية : «إنّها في المهدي من آل محمد» (٢).
وذكر تفسير «روح المعاني» وتفاسير عديدة لمؤلفين شيعة عن الإمام السجاد عليهالسلام في تفسير الآية موضع البحث أنه قال : «هم والله شيعتنا ـ أهل البيت ـ يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا ، وهو مهدي هذه الأمة يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، وهو الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم ...».
وكما قلنا ، لا تعني هذه التفاسير حصر معنى هذه الآية ، بل بيان مصداقها التام ، وممّا يؤسف له عدم انتباه بعض المفسّرين ـ كالآلوسي في روح البيان ـ إلى هذه المسألة ، فرفضوا هذه الأحاديث.
__________________
(١) احتوى كتاب «منتخب الأثر» على مائة وثلاثة وعشرين حديثا بهذا الصدد ، من مصادر إسلامية مختلفة خاصّة السنّية منها. للاستزادة يراجع هذا الكتاب في صفحة ٢٤٧ ، وما يليها.
(٢) مجمع البيان في تفسير الآية موضع البحث.