وبشروط معينة ، الدخول إلى منازل الأقرباء وأمثالهم ، وحتّى أنّه يجوز لهم الأكل فيها دون استئذان ، حيث تقول هذه الآية أولا (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ).
لأنّ أهل المدينة كانوا ـ كما ورد بصراحة في بعض الأحاديث ـ وقبل قبولهم الإسلام ، يمنعون الأعمى والأعرج والمريض من المشاركة في مائدتهم ، ويتنفّرون من هذا العمل.
وعلى عكس ذلك كانت مجموعة منهم بعد إسلامها ، تفرد لمثل هؤلاء موائد خاصّة ، ليس لاحتقارهم المشاركة معهم على مائدة واحدة ، وإنّما لأسباب إنسانية ، فالأعمى قد لا يرى الغذاء الجيد في المائدة ، وهم يرونه ، ويأكلونه ، وهذا خلاف الخلق السليم ، وكذلك الأمر بالنسبة للأعرج والمريض ، حيث يحتمل تأخرهما عن الغذاء ، وتقدم السالمين عليهما. ولهذا كلّه لم يشاركوهم الغذاء على مائدة واحدة. ولهذا كان الأعمى والأعرج والمريض يسحب نفسه حتى لا يزعج الآخرين بشيء. ويعتبر الواحد منهم نفسه مذنبا إن شارك السالمين غذاءهم في مائدة واحدة.
وقد استفسر من الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذا الموضوع ، فنزلت الآية السابقة التي نصّت على عدم وجود مانع من مشاركة الأعمى والأعرج والمريض للصحيح غذاءه على مائدة واحدة. (١)
وقد فسر آخرون هذه العبارة باستثناء هذه الفئات الثلاث من حكم الجهاد ، أو أنّ القصد أنّه مسموح لكم استصحاب العاجزين معكم إلى الأحد عشر بيتا التي أشارت إليها الآية في آخرها ، ليشاركوكم في غذائكم.
إلّا أن هذين التفسيرين ـ كما يبدو ـ بعيدان عن قصد الآية ، ولا ينسجمان مع
__________________
(١) ذكرت هذا التّفسير أيضا ، التفاسير التالية «الدر المنثور» و «نور الثقلين» و «مجمع البيان» و «الصافي» و «التّفسير الكبير» و «التبيان».