حقّا ، إن مثلهم كمثل من يريد أن يقف أمام استدلالاتنا المنطقية من خلال حفنة من الحجج ، الواهية : فنقول من دون الاجابة عليها بالتفصيل : انظر بأية ادعاءات واهية يريدون أن يقفوا معها أمام الدليل المنطقي.
وهكذا كانت أقوالهم في جميع مواردها ، لأن :
أوّلا : لماذا يجب أن يكون الرّسول من جنس الملائكة؟ بل ينبغي أن يكون قائد البشر منهم ، كما يحكم به العقل والعلم ، حتى يدرك جميع آلام ورغبات وحاجات ومشكلات ومسائل حياة الإنسان تماما ، ليكون قدوة عملية له على كل المستويات ، وحتى يستلهم الناس منه في جميع المناهج ، ومن المسلّم أن تأمين هذه الأهداف لم يكن ليتحقق لو كان من الملائكة ، ولقال الناس إذا حدثهم عن الزهد وعدم الاهتمام بالدنيا : إنّه ملك ، وليست له حاجات مادية تجرّه إلى الدنيا وإذا دعا إلى الطهارة والعفة لقال الناس : إنه لا يدري ما عاصفة الغريزة الجنسية ، وعشرات (إذا) مثل تلك.
ثانيا : ما ضرورة أن ينزل ملك ليرافق بشرا من أجل تصديقه؟ أفليست المعجزات كافية لإدراك هذه الحقيقة ، وخاصّة معجزة عظيمة كالقرآن!
ثالثا : أكل الطعام كسائر الناس ، والمشي في الأسواق يكون سببا للاندماج بالناس أكثر ، والغوص في أعماق حياتهم ، ليؤدي رسالته بشكل أفضل.
رابعا : عظمة الرّسول وشخصيته مردهما ليس إلى الكنز والنفائس ولا بساتين النخيل والفواكه الطازجة ، هذا نمط تفكير الكفار المنحرف الذي يعتبر أن المكانة ـ وحتى القرب من الله ـ في الأثرياء خاصّة ، في حال أنّ الأنبياء جاؤوا ليقولوا : أيّها الإنسان ، إنّ قيمة وجودك ليست بهذه الأشياء ، إنّها بالعلم والتقوى والإيمان.
خامسا : بأي مقياس كانوا يعتبرونه «مسحورا» أو «مجنونا»؟ الشخص الذي كان عقله معجزا بشهادة تأريخ حياته وانقلابه العظيم وتأسيسه الحضارة الإسلامية ، كيف يمكن اتهامه بهذه التهمة المضحكة؟ أيصح أن نقول إن تحطيم