الأصنام ورفض الإتباع الأعمى للأجداد دليل على الجنون؟!
اتضح بناء على ما قلناه أن (الأمثال) هنا ، خاصّة مع القرائن الموجودة في الآية ، بمعنى الأقوال الفارغة الواهية ، ولعل التعبير عنها بـ (الأمثال) بسبب أنّهم يلبسونها لباس الحق فكأنها مثله ، وأقوالهم مثل الأدلة المنطقية ، في حال أنّها ليست كذلك واقعا. (١)
وينبغي أيضا الالتفات إلى هذه النكتة ، وهي أنّ أعداء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يتهمونه ـ بـ «الساحر» وأحيانا بـ «المسحور» وإن كان بعض المفسّرين قد احتمل أن «المسحور» بمعنى «الساحر» (لأن اسم المفعول يأتي بمعنى اسم الفاعل أحيانا) ولكن الظاهر أن بينهما فرقا.
عند ما يقال عنه بأنّه ساحر ، فلأن كلامه كان ذا نفوذ خارق في القلوب ، ولأنّهم ما كانوا يريدون الإقرار بهذه الحقيقة ، فقد لجأوا إلى اتهامه بـ «الساحر».
أمّا «المسحور» فمعناه أن السحرة تدخّلوا في عقله وتصرفوا به ، وعملوا على اختلال حواسه ، هذا الاتّهام نشأ من أن الرّسول كان محطما لسنتهم ، ومخالفا لعاداتهم وأعرافهم الخرافية ، وقد وقف في وجه مصالحهم الفردية.
أمّا جواب جميع هذه الاتهامات فقد اتضح من الكلام أعلاه.
وهنا يأتي هذا السؤال ، وهو أنّه لماذا قال تعالى : (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً).
الجواب هو أنّ الإنسان يستطيع أن يكتشف الطريق إلى الحق بصورة ما ، إذا كان مريدا للحق باحثا عنه ، أمّا من يتخذ موقفه ـ ابتداء ـ على أساس أحكام
__________________
(١) كثير من المفسّرين اعتبروا (الأمثال) هنا بمعنى (التشبيهات) لكنّهم لم يوضحوا هنا ما هي التشبيهات التي قدمها المشركون ، وبعض آخر اعتبر (الأمثال) هنا بمعنى (الصفات) ، لأن أحد معاني (المثل) ـ طبقا لما قاله الراغب في المفردات هو (الصفة) ، فالمقصود هنا هي الصفة الواهية التي لا أساس لها ، ذلك لأن ما في صدر وذيل الآية القرآنية أعلاه يدل على هذا المعنى ، فمن جانب يقول بعنوان التعجب : انظر آية أمثال ضربوا؟ ومن جانب آخر يقول : الأوصاف التي تؤدي الى ضلالهم الذي لا هداية بعده.