هذا العالم ـ أيضا ـ لا شيء أمام إرادته تبارك وتعالى. وإذا كان لهم في هذه الدنيا بهرجة ، فبأي ملاذ يلوذون من الجزاء الإلهي في يوم القيامة ، يوم انكشاف الحقائق وزوال المجازات والخيالات والأوهام ، ولهذا سيكون ذلك اليوم يوما بالغ الصعوبة عليهم ، في الوقت الذي يكون على المؤمنين سهلا يسيرا وهينا جدّا.
في حديث عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) فقلت : ما أطول هذا اليوم!؟ فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «والذي نفسي بيده إنّه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا». (١)
والتأمل الدقيق في سائر آيات القرآن يكشف عن دلائل صعوبة ذلك اليوم على الكافرين ، ذلك أنّنا نقرأ من جهة (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ). (٢)
ومن جهة أخرى (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ). (٣)
ومن جهة ثالثة (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً). (٤)
حتى الشفاعة التي هي وحدها طريق النجاة ، تكون للمذنبين الذين كانت لهم صلة بالله وبأولياء الله (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ). (٥)
وايضا (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) ، (٦) فلا يسمح لهم بالاعتذار ، فما بالك بقبول الاعذار الواهية!!
* * *
__________________
(١) تفسير القرطبي «الجامع لأحكام القرآن» ، ج ١٣ ، ص ٢٣ ، ج ٧ ، ص ٤٧٣٩.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٦٦.
(٣) سورة تبّت ، الآية ٢.
(٤) سورة الدخان ، الآية ٤١.
(٥) سوره البقرة ، الآية ٢٥٥.
(٦) سورة المرسلات ، الآية ٣٦.