شاء أم أبى ، فيأخذ قسطا مهما من أفكاره وصفاته الأخلاقية عن طريق أصدقائه ، ولقد ثبتت هذه الحقيقة من الناحية العلمية وعن طريق التجربة والمشاهدات الحسية أيضا.
قابلية التأثر هذه نالت اهتماما خاصّا لدى الإسلام إلى حدّ أنّه نقل في الرّوايات الإسلامية ،
عن نبيّ الله سليمان عليهالسلام أنّه قال : «لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يصاحب ، فإنّما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه ، وينسب إلى أصحابه وأخدانه». (١)
يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في خطبة له : «ومن اشتبه عليكم أمره ولم تعرفوا دينه ، فانظروا إلى خلطائه ، فإن كانوا أهل دين الله فهو على دين الله ، وإن كانوا على غير دين الله ، فلا حظّ له من دين الله». (٢)
حقّا ، إنّ أثر الصديق في سعادة وشقاوة إنسان ما قد يكون من أهم العوامل أحيانا ، فقد يؤدي به إلى دركات الشقاء الأبدي ، وقد يرقى به أحيانا إلى غاية المجد.
الآيات الحالية وسبب نزولها ، تبيّن ـ بوضوح ـ كيف أنّ الإنسان قد يقترب من السعادة ، لكنّ وسوسة شيطانية واحدة من صديق سيء تقلبه رأسا على عقب وتقلب مصيره ، حيث سيعضّ على يديه من الحسرة يوم القيامة ، وستتعالى منه صرخة «يا ويلتى».
في كتاب «العشرة» وردت روايات كثيرة في نفس هذا الموضوع ، تبيّن أن الإسلام شديد ودقيق وثاقب النظرة في مسألة اختيار الصديق.
ننهي هذا البحث القصير بنقل حديثين في هذا الموضوع ، ومن أراد الاطلاع أكثر في هذا الموضوع فليراجع كتاب «العشرة» من بحار الأنوار ، الجزء ٧٤.
__________________
(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٢٧ مادة (صدق).
(٢) بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ١٩٧.