الحوادث ، ترى هل يصح أن تكتب هذه مرّة واحدة وتعرض على الناس!؟
بعبارة أخرى : القرآن مجموعة من أوامر ونواه ، أحكام وقوانين ، تاريخ وموعظة ، ومجموعة من الخطط ذات المدى الطويل أو القصير في مواجهة الأحداث التي كانت تبرز أمام مسير الأمة الإسلامية ، كتاب ـ كهذا ـ يبيّن وينفذ جميع مناهجه حتى قوانينه الكلية عن طريق الحضور في ميادين حياة الأمة ، لا يمكن أن ينظم ويدوّن دفعة واحدة.
وهذا من قبيل أن يقوم قائد عظيم بكتابه ونشر جميع بياناته وإعلاناته وأوامره ونواهيه ـ التي يصدرها في المناسبات المختلفة ـ دفعة واحدة من أجل تسيير الثورة ، ترى هل يعتبر هذا العمل عقلائيا!؟
٣ ـ النّزول التدريجي للقرآن كان سبب ارتباط النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الدائم والمستمر بمبدإ الوحي ممّا يجعل قلبه الشريف أقوى وإرادته أشدّ. ومن غير الممكن إنكار تأثيره في المناهج التربوية.
٤ ـ من جهة أخرى فإنّ استمرار الوحي دليل على استمرار رسالة وسفارة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسوف لن يترك مجالا لوسوسة الأعداء لكي يقولوا : لقد بعث هذا النّبي ليوم واحد! ثمّ تركه ربه ، كما نقرأ في التأريخ الإسلامي أن هذه الهمهمة ظهرت أثناء تأخر الوحي في بداية الدعوة ، فأنزلت سورة (وَالضُّحى) لنفي ذلك.
٥ ـ لا شك أنّه إذا كان مقررا لمناهج الإسلام أن تنزل جميعها دفعة واحدة ، فقد كان من اللازم أن تطبّق دفعة واحدة أيضا ، لأن النّزول بدون تطبيق يفقد النّزول قيمته ، ومن المعلوم أن تطبيق جميع المناهج أعم من العبادات كالزكاة والجهاد ، ورعاية جميع الواجبات والامتناع عن كل المحرمات دفعة واحدة ..
عمل ثقيل جدّا قد يؤدي إلى فرار فئة كبيرة من الإسلام.
وبهذا يتبيّن أن النّزول التدريجي وبالتالي التطبيق التدريجي أفضل من جهات كثيرة.