«قوم عاد» هم قوم النّبي «هود» العظيم ، الذي بعث في منطقة (الأحقاف) أو (اليمن).
و «قوم ثمود» قوم نبي الله «صالح» الذي بعث في منطقة وادي القرى (بين المدينة والشام) ، أمّا ما يتعلق بمسألة «أصحاب الرس» فسنبحثها في نهاية هذا البحث.
«قرون» جمع «قرن» وهي في الأصل بمعنى الجماعة الذين يعيشون معا في زمان واحد ، ثمّ أطلقت على الزمان الطويل (أربعين أو مائة سنة).
لكننا لم نجاز أولئك على غفلة أبدا ، بل (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ).
أجبنا على إشكالاتهم ، مثل الإجابة على الإشكالات التي يوردونها عليك ، وبيّنا لهم الأحكام الإلهية وحقائق الدين. أخطرناهم ، أنذرناهم ، كررنا عليهم مصائر وقصص الماضين ، لكن حين لم ينفع أيّ من ذلك أهلكناهم ودمّرناهم تدميرا : (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً). (١) وفي نهاية المطاف ـ في الآية الأخيرة مورد البحث ـ يشير القرآن المجيد إلى خرائب مدن قوم لوط التي تقع على بداية طريق الحجازيين إلى الشام ، وإلى الأثر الحي الناطق عن المصير الأليم لأولئك الملوثين والمشركين ، فيقول تعالى : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها).
نعم ، لقد كانوا يرون مشهد الخرائب هذه ، لكنّهم لم يأخذوا منها العبرة ، ذلك لأنّهم (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً).
إنّهم يعدون الموت نهاية هذه الحياة ، وإذا كان لهم اعتقاد بحياة ما بعد الموت فهو اعتقاد ضعيف وبلا أساس ، لا يطبع أثرا في أرواحهم ولا ينعكس في مناهج
__________________
(١) «تتبير» من مادة «تبر» (على وزن ضرر ، وعلى وزن صبر) بمعنى الإهلاك التام.