هذه الدعوة الإلهية سهل ويسير جدّا لكل أحد ، بلا مشقّة ولا خسارة.
وهذا بنفسه شاهد على صدق دعوة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونقاء فكره ومنهجه ، وذلك لأنّ الأدعياء الكاذبين لا بدّ أن يدخلوا في هذا العمل رغبتهم في الأجر والجزاء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وتبيّن الآية التي بعدها المعتمد الأساس للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ).
فمع هذا المعتمد والملجأ والمولى الذي ما زال ولن يزال حيا دائما ، فلا حاجة لك بأجر وجزاء هؤلاء ، ولا خوف عليك من ضررهم ومؤامراتهم.
والآن حيث الأمر على هذه الصورة فسبح الله تنزيها له من كل نقص ، وأحمده إزاء كل هذه الكمالات (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ).
من الممكن اعتبار هذه الجملة بمنزلة التعليل للجملة السابقة ، لأنّ تعالى هو المنزّه من كل عيب ونقص ، وأهل لكل كمال وجمال ، وحقيق بالتوكل عليه.
ثمّ يضيف القرآن الكريم : لا تقلق من بهتان ومؤامرات الأعداء ، لأنّ الله مطلع على ذنوب عباده وسيحاسبهم : (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً).
الآية التالية بيان لقدرة الخالق في ساحة عالم الوجود ، ووصف آخر لهذا الملاذ الأمين ، يقول تعالى : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ). ثمّ (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) فأخذ بتدبير العالم.
إنّ من له هذه القدرة الواسعة يستطيع أن يحفظ المتوكلين عليه من كل خطر وحادثة ، فكما أنّ خلق العالم كان بواسطة قدرته ، كذلك فإنّ إدارة وقيادة وتدبير ذلك العالم بأمر ذاته المقدسة.
ضمنا ، فإنّ خلق العالم بشكل تدريجي إشارة إلى أنّ الله لا يعجل في أي عمل ، فإذا لم يجاز أعداءك سريعا ، فلأجل أن يمنحهم الفسحة والفرصة حتى يأخذوا بإصلاح أنفسهم ، فضلا عن أن من يعجل هو من يخاف الفوت ، وهذا غير