القصيرة بين الليل والنهار كانت ستبطل تأثيرهما وفائدتهما. فضلا عن أنّ القوّة المركزية الطاردة كانت سترتفع بحيث ستقذف جميع الموجودات الأرضية بعيدا عن الكرة الأرضية.
والخلاصة أنّ التأمل في هذا النظام يوقظ فطرة معرفة الله في الإنسان من جهة (ولعل التعبير بالتذكر والتذكير إشارة إلى هذه الحقيقة) ، ومن جهة أخرى يحي روح الشكر فيه ، وقد أشير إلى ذلك بقوله تعالى : (أَوْ أَرادَ شُكُوراً).
الجدير بالذكر أنّنا نقرأ في بعض الرّوايات التي نقلت عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الأئمّة المعصومين في تفسير الآية ، أن تعاقب الليل والنهار من أجل أن الإنسان إذا أهمل أداء واجب من واجباته تجاه الله سبحانه وتعالى فإنّه بإمكانه جبرانه أو قضاءه في الوقت الآخر منهما. هذا المعنى من الممكن أن يكون تفسيرا ثانيا للآية ، وممّا سبق من كون الآيات القرآنية ذات بطون ، فلا منافاة بين هذا المعنى والمعنى الأوّل أيضا.
وفي ذلك ورد في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «كلّ ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار ، قال الله تبارك وتعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) يعني أن يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار ، وما فاته بالنهار بالليل». (١)
نفس هذا المعنى نقله «الفخر الرازي» عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
* * *
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ، طبقا لنقل نور الثقلين ، ج ٤ ذيل الآية.