بعض أصحابه في تفسير «طسم» ويدلّ جميعها على أنّ هذه الحروف علامات «مختصرة» عن أسماء الله تعالى ، أو أسماء القرآن ، أو الأمكنة المقدسة ، أو بعض أشجار الجنّة! ...
وهذه الرّوايات تؤيد التّفسير الذي نقلناه في مستهلّ سورة الأعراف في هذا الصدد ، كما أنّها في الوقت ذاته لا تنافي ما قلناه في مستهل سورة البقرة من أن المراد من هذه الحروف بيان أعجاز القرآن وعظمته ، حيث أن هذا الكلام العظيم مؤلف من حروف بسيطة وصغيرة!
والآية التالية تبيّن عظمة القرآن بهذا النحو : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ).
وبالطبع فإنّ «تلك» في لغة العرب اسم إشارة للبعيد ، ويشار بها للمؤنث «المفرد» و «الجمع» ، كما قد يشار بها لجمع التكسير. (١)
وكما بيّنا آنفا فقد يعبّر في لغة العرب عن عظمة الشيء ـ وإن كان قريبا ـ باسم الإشارة (للبعيد) فكان الموضوع لأهميّته وارتفاع «وعلوّ» مرتبة بعيد عنّا ، ومكانه في السماوات العلى!
وممّا ينبغي الالتفات إليه وملاحظته أنّ هذه الآية بنصّها وردت في بداية سورة يوسف وسورة القصص ـ أيضا ـ دون زيادة أو نقصان. كما أنّها وردت بعد الحروف المقطعة في مستهلّ السور آنفة الذكر ، وهي تدل على ارتباط هذه الحروف بعظمة القرآن.
ووصف القرآن بـ «المبين» المشتق من «البيان» ، هو إشارة إلى كونه جليّا بيّنا عظيما معجزا ـ فكلّما أمعن الإنسان النظر في محتواه تعرّف على إعجازه أكثر فأكثر ... ثمّ بعد هذا فإنّ القرآن يبيّن الحق ويميزه عن الباطل ، ويوضّح سبيل السعادة والنصر والنجاة من الضلال!
__________________
(١) كقوله تعالى (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ).