لأمره وحكمه ، إلّا أن الإيمان بإكراه لا قيمة له. فالمهم أن يخضعوا للحق عن إرادة ووعي وإدراك وتفكر.
ومن الواضح أنّ المراد بخضوع الأعناق خضوع أصحابها ... فاللغة العربية تذكر الرقبة أو العنق كناية عن الإنسان لأنّها جزء مهمّ منه ، ويقال مثلا كناية عن البغاة القساة : غلاظ الرقاب ، وعن المضطهدين والضعفاء : الرقاب الذليلة!
وبالطبع فهناك احتمالات أخر لتفسير «أعناقهم» من جملتها أنّ الأعناق تعني الرؤساء ، كما أن من التفاسير أن الأعناق تعني طوائف من الناس. وجميع هذه الاحتمالات ضعيفة.
ثمّ يتحدث القرآن عن مواقف المشركين والكفار من آيات القرآن فيقول : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ).
والتعبير بـ «ذكر» هو إشارة إلى أن القرآن موقظ ومنبّه ، وهذا الأمر متحقّق في جميع آياته وسوره! إلّا أن هذه الجماعة معرضة عن ذكره وتنبيهه ، فهي تفرّ عن كل ذلك! ...
والتعبير بـ «الرحمن» إشارة إلى أن نزول هذه الآيات من قبل الله إنّما هو من رحمته العامّة ، إذ تدعو جميع الناس دون استثناء إلى السعادة والكمال!
كما أن هذا التعبير ـ أيضا ـ ربّما كان لتحريك الإحساس بالشكر لله ، فهذا الذكر من الله الذي عمّت نعمه وجودكم من القرن إلى القدم ، فكيف يمكن الإعراض عن ولي النعمة؟! وإذا كان سبحانه لا يتعجل بإنزال العذاب عليكم ، فذلك من رحمته أيضا ...
والتعبير بـ «محدث» ـ أي جديد ـ إشارة إلى أن آيات القرآن تنزل واحدة تلو الأخرى ، وكلّ منها ذو محتوى جديد ، ولكن ما جدوى ذلك ، فهم مع كل هذه الحقائق الجديدة ـ معرضون ... فكأنّهم اتّفقوا على خرافات السلف وتعلّقوا بها ـ فهم لا يرضون أن يودّعوا ضلالهم وجهلهم وخرافاتهم!! فأساسا مهما كان