والتعبير بـ «زوج» في شأن النباتات يستحق الدقّة ... فبالرغم من أنّ أغلب المفسّرين قالوا بأن الزوج يعني النوع أو الصنف ، وأن الأزواج معناها الأصناف والأنواع ، إلّا أنّه ما يمنع أن نفسر معنى الزوج بما يتبادر إلى الذهن من المعنى المعروف وهو الإشارة إلى الزوجيّة في النباتات؟!
كان الناس فيما مضى يدركون أن بعض النباتات لها جنسان (ذكر وأنثى) وكانوا يستعينون بتلقيح النباتات لتثمر ... وكانت هذه المسألة معروفة وواضحة تماما في النخيل ...
إلّا أنّ العالم السويدي والخبير بعلم النبات «لينه» وفّق لأول مرّة في أواسط القرن الثامن عشر الميلادي لاكتشاف هذه الحقيقة ، وهي أن الزوجية في عالم النباتات قانون عام تقريبا ، والنباتات كسائر الحيوانات تحمل عن طريق تلقيح الذكر لأنثاه ثمّ تقذف بالثمار ...
غير أنّ القرآن المجيد أشار إلى هذه الظاهرة «الزوجية في النبات» في آيات مختلفة مرارا قبل هذا العالم السويدي بقرون ، كما هي الحال في الآيات محل البحث. وفي الآية الرّابعة من سورة الرعد ، والآية العاشرة من سورة لقمان ، والآية السابعة من سورة ق. وهذه الإشارة بنفسها إحدى معاجز القرآن العلمية!
وكلمة «كريم» في الأصل تعني كل شيء قيّم وثمين ، فقد تستعمل في الإنسان ، وقد تستعمل في النبات ، وقد تستعمل في الكتاب [أي الرسالة المعهودة بين المتراسلين] أيضا ... كما هي الحال في شأن حديث ملكة سبأ عن كتاب سليمان إليها إذا قالت : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ). (١)
والمراد من (كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) هو النباتات المهمّة ذوات الفائدة ، وطبعا ما من نبات إلّا وله فائدة أو فوائد جمّة ، ومع تقدم العلم تتجلى هذه
__________________
(١) النمل ، ٢٩.