إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وجملة (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ) تكشف عن أنّهما ينبغي أن يواجها فرعون نفسه بأيّة قيمة أو أيّ ثمن كان ...
والتعبير بـ «رسول» بصيغة الإفراد مع أنّهما «موسى وهارون» نبيّان مرسلان ، يشير إلى وحدة دعوتهما ، فكأنّهما روحان في بدن واحد لهما خطّة واحدة وهدف واحد. (١)
وضمن دعوتكما لفرعون بأنّكما رسولا ربّ العالمين اطلبا منه أن يرسل بني إسرائيل ويرفع يده عنهم : (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ).
وبديهي أن المراد من الآية أن يرفع فرعون عن بني إسرائيل نير العبوديّة والقهر والاستعباد ، ليتحرروا ويأتوا مع موسى وهارون ، وليس المراد هو إرسال بني إسرائيل معهما فحسب.
وهنا يلتفت فرعون فيتكلم بكلمات مدروسة وممزوجة بالخبث والشيطنة لينفي الرسالة ويقول لموسى : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ...).
إذ التقطناك من أمواج النيل الهادرة فأنقذناك من الهلاك ، وهيّأنا لك مرضعة ، وعفونا عن الحكم الصادر في قتل أبناء بني إسرائيل الذي كنت مشمولا به ، فتربّيت في محيط هادئ آمن منعّما ... وبعد أن تربيت في بيتنا عشت زمانا (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ).
ثمّ توجه إلى موسى وذكّره بموضوع قتل القبطي فقال : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ).
__________________
(١) يقول الراغب في «المفردات» : «الرّسول» من الكلمات التي تطلق على المفرد والجمع ، وإن جمعت أحيانا على «الرسل» فمنهم من يرى أنها مصدر أيضا ومعناها الرسالة ، ونعرف أنه لا تثنية ولا جمع في المصدر. وقد ورد في لسان العرب أنّ الرّسول بمعنى الرسالة ، إلّا أن هذه الكلمة تحمل المعنى الوصفي حتما ، وكثيرا ما تجمع أو تثنى وقد ورد في سورة طه عن هذه القصة وقصة موسى وهارون : «إنّا رسولا ربك ...»!