أن الطواغيت أخذوا باحترام الشعب وتعظيمه ، وحتى أنّهم أقروا بذنوبهم وطلبوا العفو ، ولكن الناس الذين عرفوا سجيّتهم طوال سنين مديدة لم ينخدعوا بذلك.
وبعد المشاورة فيما بينهم التفت الملأ من قوم فرعون إليه و (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ). (١) أي أمهلهما وابعث رسلك الى جميع المناطق والأمصار.
(يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ).
وفي الواقع أن رهط فرعون إمّا أنّهم غفلوا ، وإمّا أنّهم قبلوا اتهامه لموسى وأعين للأمر. فهيأوا خطة على أنّه ساحر ، ولا بدّ من مواجهته بسحرة أعظم منه وأكثر مهارة! ...
وقالوا : لحسن الحظّ إنّ في بلادنا العريضة سحرة كثيرين ، فلا بدّ من جمع السحرة لإحباط سحر موسى عليهالسلام.
وكلمة (حاشرين) مأخوذه من مادة (الحشر) ومعناه التعبئة والسوق لميدان الحرب وأمثال ذلك ، وهكذا فينبغي على المأمورين أن يعبئوا السحرة لمواجهة موسى عليهالسلام بأيّ ثمن كان! ...
* * *
__________________
(١) (أرجه) مشتقّة من «الإرجاء» ، ومعناها التأخير وعدم الاستعجال في القضاء ، والضمير في (أرجه) يعود على موسى ، وأصل الكلمة كان (أرجئه) وحذفت الهمزة للتخفيف!