وتلمع عند شروق الشمس عليها!
وأخيرا كان اليوم الموعود والميقات المعلوم ، وانثال الناس إلى ساحة العرض ليشهدوا المبارزة التاريخيّة ، ففرعون وقومه من جانب ، والسحرة من جانب آخر ، وموسى وأخوه هارون من جانب ثالث ، كلهم حضروا هناك!
وكعادة القرآن في حذف المقدمات المفهومة من خلال الآيات المذكورة ، والشروع بذكر أصل الموضوع ، فيتحدّث عن مواجهة موسى للسحرة حيث التفت إليهم و: (قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ).
ويستفاد من الآية (١١٥) من سورة الأعراف ، أنّ موسى عليهالسلام قال ذلك عند ما سأله السحرة : هل تلقي أنت أوّلا أم نلقي نحن أوّلا؟
وهذا الاقتراح من قبل موسى عليهالسلام يدلّ أنّه كان مطمئنا لانتصاره ، ودليلا على هدوئه وسكينته أمام ذلك الحشد الهائل من الأعداء وأتباع فرعون ... كان هذا الاقتراح يعدّ أوّل «ضربة» يدمغ بها السحرة ، ويبيّن فيها أنه يتمتع بالهدوء النفسي الخاص ، وأنّه مرتبط بمكان آخر ومتصل به.
وأمّا السحرة الغارقون بغرورهم ، والذين بذلوا أقصى جهودهم لانتصارهم في هذا «الميدان» ، فقد كانوا مستعدين ومؤمّلين لأن يغلبوا موسى عليهالسلام (فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ). (١)
أجل ، لقد استندوا إلى عزّة فرعون كسائر المتملقين ، وبدأوا باسمه وقدرته الواهية!
وهنا ـ كما يبيّن القرآن في مكان آخر من سورة وآياته ـ تحركت العصيّ كأنّها الأفاعي والثعابين و (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى). (٢)
وقد انتخب السحرة العصي كوسائل لسحرهم ، لتتغلّب حسب تصوّرهم على
__________________
(١) «الحبال» جمع «حبل» على وزن (طبل) ومعناها واضح ، والعصي جمع العصا.
(٢) سورة طه ، الآية ٦٦.