٢ ـ لقد شقّ موسى عليهالسلام طريقة وسط أهل مصر من الأقباط وغيرهم ... ومال إليه جمع منهم ، أو على الأقل خافوا من مخالفته ، وطافت أصداء دعوة موسى في أرجاء مصر جمعاء!
٣ ـ وأهمّ من كل ذلك أنّ فرعون لم ير في نفسه القدرة ـ لا من جهة أفكار عامّة الناس ، ولا من جهة الخوف على مقامة ـ على مواجهة رجل له عصا كهذه العصا ، ولسان مؤثر كلسان موسى.
هذه الأمور هيأت أرضية ملائمة لأن ينشر موسى عليهالسلام دعوته بين الناس ، ويتمّ الحجة عليهم!
ومرّت سنون طوال على هذا المنوال ، وموسى عليهالسلام يظهر المعاجز تلو المعاجز ـ كما أشارت إليها سورة الأعراف وبينّاها في ذيل الآيات ١٣٠ ـ ١٣٥ منها ـ إلى جانب منطقه المتين ، حتى ابتلى الله أهل مصر بالقحط والجذب لسنوات لعلهم يتّقون «لمزيد الإيضاح لا بأس بمراجعة تفسير الآيات آنفة الذكر» ...
ولمّا أتمّ موسى على أهل مصر الحجة البالغة ، وامتازت صفوف المؤمنين من صفوف المنكرين ، نزل الوحي على موسى أن يخرج بقومه من مصر ، والآيات التالية تجسد هذا المشهد فتقول أوّلا : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ).
وهذه خطة إلهية على موسى عليهالسلام أن يمتثلها ويسري بقومه ليلا ، وإنّ على فرعون وقومه أن يعلموا ذلك فيتبعوهم ليحدث ما يحدث بأمر الله.
والتعبير بـ «عبادي» بضمير الإفراد ، مع أن الفعل (أوحينا) في الجملة ذاتها مسند إلى ضمير الجمع ، إنّما هو لبيان منتهى محبة الله لعباده المؤمنين ...
وفعلا امتثل موسى عليهالسلام هذا الأمر ، وعبأ بني إسرائيل بعيدا عن أعين أعدائهم ، وأمرهم بالتحرك ، واختار الليل خاصّة لتنفيذ أمر الله لتكون خطته نافذة.
إلّا أن من البديهي أن حركة جماعة بهذا الشكل ليس هينا يسيرا يمكن