٢ ـ رغم أن ظاهر الآيات يدلّ على أن حكم القذف (الاتهام بعمل مخل بالشرف والعفة) نزل قبل حديث الإفك ، فلما ذا لم يستدع النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عبد الله بن أبي سلول وعددا آخر ممّن نشروا هذه الشائعة ليجري الحد الذي فرضه الله؟ (الّا أن يقال بأن آيات القذف والافك نزلت سوية ، وأن حكم القذف قد شرح حينذاك لتناسبه مع الموضوع ، ففي هذه الصورة ينتفي هذا الإشكال ولكن يبقى الأوّل على قوّته).
أمّا بالنسبة لسبب النّزول الثّاني ، فإنّ ما يثير فيه النقاش هو عدّة أمور ، منها :
١ ـ إن الذي وجه التهمة ـ وفقا لسبب النّزول هذا ـ هو شخص واحد لا غير ، في الوقت الذي ذكرت الآيات فيه أنّهم مجموعة ، وقد روّجوا لها لدرجة شيوعها تقريبا في المدينة كلها. لهذا استخدمت الآيات ضمير جمع للمؤمنين الذي عاتبتهم بشدّة ، والذين تورّطوا في تصديق وترويج هذه الشائعة ، وهذا لا ينسجم أبدا مع سبب النّزول الثّاني.
٢ ـ يبقى سؤال هو : إذا كانت عائشة ارتكبت هذا الإثم (القذف) ثمّ ثبت خلاقة ، فلما ذا لم ينفّذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حدّ القذف بحقها؟
٣ ـ كيف يمكن للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصدر حكم القتل بحق شخص بشهادة امرأة واحدة؟ مع أنّ التنافس بين زوجات رجل واحدا أمرا اعتياديّا ، والانحراف عن الحق والعدل أو ارتكاب إحداهن لخطأ على الأقل ممكن.
وليس مهما ما يكون سبب النّزول ، بل المهم أن نعلم من مجموع الآيات هو أنه قد اتهم شخص بريء بعمل مخلّ بالعفة والشرف حين نزول هذه الآيات ، وأن الشائعات كانت منتشرة في المدينة ، كما يفهم من الدلائل الموجودة في هذه الآية ، أن هذه التهمة كانت موجهة لشخص له أهمية خاصّة في المجتمع آنذاك. وأن مجموعة من المنافقين المتظاهرين بالإسلام أرادوا الإخلال بالمجتمع الإسلامي بترويجهم هذه الشائعة ، فنزلت هذه الآيات ، وتصدّت لهذه الحادثة بقوة ، ودفعت