فيقول القرآن : (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ). (١)
بالرغم من أنّهم كذبوا هودا فحسب ، إلّا أنّه لمّا كانت دعوة هود هي دعوة الأنبياء جميعا ، فكأنّهم كذّبوا الأنبياء جميعا ...
وبعد ذكر هذا الإجمال يقع التفصيل ، فيتحدّث القرآن عنهم فيقول : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ).
لقد دعاهم إلى التوحيد والتقوى في منتهى الشفقة والعطف والحرص عليهم ، لذلك عبّر عنه القرآن بكلمة «أخوهم» ...
ثمّ أضاف قائلا : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) وما سبق من حياتي بين ظهرانيكم يدل على هذه الحقيقة ، فإنّي لم أخنكم أبدا ... ولم تجدوا منّي غير الصدق والحق! ...
ثمّ يضيف مؤكّدا : لما كنتم تعرفونني جيدا (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ...) لأنّ إطاعتكم إيّاي إطاعة لله سبحانه ... ولا تتصوروا بأنّي أدعوكم لانتفع من وراء دعوتي إيّاكم في حياتي الدنيا وأنال المال والجاه ، فلست كذلك (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ...) فجميع النعم والبركات من قبله سبحانه ، وإذا أردت شيئا طلبته منه ، فهو ربّ العالمين جميعا ...
والقرآن الكريم يستند في هذا القسم من سيرة «هود» في قومه إلى أربعة أمور على الترتيب ...
فالأمر الأوّل : هو محتوى دعوة «هود» الذي يدور حول توحيد الله وتقواه ، وقرأنا ذلك بجلاء في ما مضى من الآي ...
أمّا الأمور الثلاثة الأخر فيذكرها القرآن حاكيا عن لسان هود في ثوب الاستفهام الإنكاري ، فيقول : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ).
__________________
(١) لما كانت «عاد» قبيلة ، وتتألف من جماعة من الناس أنث الفعل كما يرى ، فجاء (كَذَّبَتْ عادٌ) لأنّ لفظي القبيلة والجماعة مؤنثان ...