العالم ، ولا في العالم الآخر.
و «الخلق» ـ بضم الخاء واللام ـ معناه العادة والسلوك والأخلاق لأن هذه الكلمة جاءت بصيغة الإفراد بمعنى الطبع والسجيّة والعادة الأخلاقية ... وهي هنا إشارة إلى الأعمال التي كانت تصدر منهم كعبادة الأصنام ، وبناء القصور العالية الجميلة ، وحب الذات ، والتفاخر عن طريق تشييد الأبراج على النقاط المرتفعة ، وكذلك البطش عند الانتقام أو الجزاء ... أي إن ما نقوم به من أعمال هو ما كان يقوم به السلف فلا مجال للاعتراض والانتقاد! ...
وفسّر «الخلق» بعضهم بالكذب ، أي إنّ ما تقوله في شأن الله والقيامة كلام باطل قيل من قبل (إلّا أن هذا التّفسير إنّما يقبل إذا قرئ النص : إن هذا إلّا خلق الأولين. فيكون الخلق فيه على وزن (الحلق) إلّا أن القراءة المشهورة ليست كذلك!).
ويبيّن القرآن عاقبة قوم هود الوبيلة فيقول : (فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ).
وفي ختام هذه الاحداث يذكر القرآن تلكما الجملتين المعبّرتين ، اللتين تكررتا في نهاية قصص نوح وإبراهيم وموسى عليهماالسلام ... فيقول : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) على قدرة الله ، واستقامة الأنبياء وعاقبة المستكبرين السيئة ، ولكن مع ذلك (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
فيمهل إمهالا كافيا. ويمنح الفرصة. ويبيّن الدلائل الواضحة للمضلين ليهتدوا ... إلّا أنه عند المجازاة والعقاب ، وبعد إتمام الحجة يأخذ أخذا عسيرا لا مفرّ لأحد منه أبدا ...
* * *