ورود «المرسلين» بصيغة الجمع ، إمّا لأنّ دعوة الأنبياء عليهمالسلام واحدة ، فتكذيب الواحد منهم تكذيب للجميع ، أو أن قوم لوط لم يؤمنوا بأيّ نبي قبل لوط واقعا وحقيقة ...
ثمّ يشير القرآن الكريم إلى دعوة لوط التي تنسجم مع دعوة الأنبياء الآخرين الماضين ، فيقول : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ).
ولحن كلماته وقلبه المتحرق لهم ، العميق في تودّه إليهم ، يدل على أنّه بمثابة «الأخ» لهم.
ثمّ أضاف لوط قائلا : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) فلم تعرفوا عنّي خيانة حتى الآن ... وسأرعى الأمانة في إيصال رسالة الله إليكم أبدا (... فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) فأنا زعيمكم إلى السعادة والنجاة.
ولا تتصوروا أنّ هذه الدعوة وسيلة اتخذها للحياة والعيش ، وأنّ وراءها هدفا مادّيا ، كلّا : (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ).
ثمّ يتناول بالنقد أعمالهم القبيحة ، وقسما من انحرافاتهم الأخلاقية ...
وحيث أنّ أهم نقطة في انحرافاتهم ... هي مسألة الانحراف الجنسي ، لذلك فإنّه ركّز عليها وقال : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ). فتختارون الذكور من بين الناس لإشباع شهواتكم!!
أي ، إنّكم على الرغم ممّا خلق الله لكم من الجنس المخالف «النساء» حيث تستطيعون أن تعيشوا معهن بالزواج المشروع عيشا طاهرا هادئا ، إلّا أنّكم تركتم نعمة الله هذه وراءكم ، ولوّثتم أنفسكم بمثل هذا العمل القبيح المخزي ...
كما ويحتمل في تفسير هذه الآية أن «من العالمين» جاء قيدا لقوم لوط أنفسهم ، أي إنّكم من دون العالمين وحدكم المنحرفون بهذا الانحراف والمبتلون به ... كما أن هذا الاحتمال ينسجم مع بعض التواريخ إذ يقال أن أوّل أمّة ارتكبت