والمسألة الثّانية : (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) قال بعض المفسّرين : إن الشخص المقصود هو «عبد الله بن أبي سلول» قائد أصحاب الإفك.
وقال آخرون : إنّه مسطح بن أثاثة. وحسان بن ثابت كمصاديق لهذا الخطاب.
وعلى كل حال ، فإنّ الذي نشط في هذا الحادث أكثر من الآخرين ، وأضرم نار الإفك ، هو قائد هذه المجموعة الذي سيعاقب عقابا عظيما لكبر ذنبه. (ويحتمل أن كلمة «تولى» يقصد بها رأس مروجي حديث الإفك).
ثمّ توجّهت الآية التالية : إلى المؤمنين الذين انخدعوا بهذا الحديث فوقعوا تحت تأثير الشائعات ، فلا متهم بشدّة (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً).
أي : لماذا لم تقفوا في وجه المنافقين بقوّة ، بل استمعتم إلى أقوالهم الّتي مسّت مؤمنين آخرين كانوا بمنزلة أنفسكم منكم. ولماذا لم تدفعوا هذه التهمة وتقولوا بأن هذا الكلام كذب وافتراء : (وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ).
أنّكم كنتم تعرفون جيدا الماضي القبيح لهذه المجموعة من المنافقين ، وتعرفون جيدا طهارة الذي اتّهم ، وكنتم مطمئنين من عدم صدق هذه التهمة وفق الدلائل المتوفرة لديكم.
وكنتم تعلمون أيضا بما يحاك من مؤامرات ضدّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل الأعداء والمنافقين ، لذا فإنّكم تستحقون اللوم والتأنيب لمجرد هذه الشائعات الكاذبة ، ولالتزامكم الصمت إزاءها ، فكيف بكم وقد اشتركتم في نشر هذه الشائعة بوعي أو دون وعي منكم؟
وممّا يلفت النظر أن الآية السابقة بدلا من أن تقول : عليكم أن تحسنوا الظن بالمتهم وتصدقوا تهمته ، فإنها تقول (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) وهذه العبارة ـ كما قلنا ـ إشارة إلى أنّ أنفس المؤمنين كنفس واحدة ، فإذا اتهم