القرآن ووضوح مفاهيمه ، والآيات التالية تؤيد هذا المعنى ، كما جاء في الآية (٤٤) من سورة فصلت (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ).
فالمراد من الأعجمي هنا هو الكلام غير الفصيح! ...
والآية التالية تشير إلى دليل آخر من دلائل حقانية القرآن فتقول : (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ). (١)
وخاصّة أن أوصاف هذا النّبي العظيم وأوصاف هذا الكتاب السماوي الخالد ، جاءت في توراة موسى عليهالسلام بحيث أن علماء بني إسرائيل كانوا يعرفون كل ذلك ، حتى قيل أن إيمان قبيلتي الأوس والخزرج بالنّبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كان على أثر ما كان يتوقعه علماء اليهود عن ظهور هذا النّبي العظيم ، ونزول هذا الكتاب السماوي الكريم ..
لذا فإنّ القرآن يضيف هنا قائلا : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ).
وواضح أنه مع وجود أولئك العلماء من بني إسرائيل في ذلك المحيط المليء بالمشركين ، لم يكن من الممكن أن يتحدث القرآن عن نفسه «جزافا» واعتباطا ..
لأنّه كان سيردّ عليه من كل حدب وصوب بالإنكار ، وهذا بنفسه دليل على أن هذا الموضوع كان جليّا في ذلك المحيط ، بحيث لم يبق مجال للإنكار حين نزول الآيات ـ محل البحث ـ ونقرأ في الآية (٨٩) من سورة البقرة أيضا : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).
وكل هذا شاهد جليّ على صدق آيات القرآن وحقانية دعوته! ...
* * *
__________________
(١) «الزبر» جمع : زبور ومعناه الكتاب ، وهو في الأصل من مادة (زبر) على وزن (أسر) اي كتابة ...