أكاذيب كثيرة عليه (يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ). (١)
وملخص الكلام أن ما تلقيه الشياطين له علائم واضحة ، ويمكن معرفته بعلائمه أيضا. فالشيطان موجود موذ ومخرب ، وما يلقيه يجري في مسير الفساد والتخريب ، وأتباعه هم الكذابون المجرمون ، وليس شيء من هذه الأمور ينطبق على القرآن ، ولا على مبلّغه ، وليس فيها أي شبه بهما.
والناس في ذلك العصر ـ وذلك المحيط ـ كانوا يعرفون النّبي محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وأسلوبه وطريقته ، في صدقه وأمانته وصلاحه في جميع المجالات ... ومحتوى القرآن ليس فيه سوى العدل والحق والإصلاح ، فكيف يمكن أن تتهموه بأنّه من إلقاء الشياطين؟!
والمراد من (الأفاك الأثيم) هو الكاهن المرتبط بالشياطين فتارة يقوم الشياطين باستراق السمع لأحاديث الملائكة ، ثمّ بعد مزجه بأباطيل كثيرة ينقلونه الى الكهنة. وهم بدورهم يضيفون عليه عشرات الأكاذيب وينقلونها إلى الناس ...
وبعد نزول الوحي خاصّة ، ومنع الشياطين من الصعود إلى السماء واستراق السمع. كان ما يلقيه الشياطين إلى الكهنة خفنة من الأكاذيب والأراجيف ...
فمع هذه الحال كيف يمكن أن يقاس محتوى القرآن بما تلقيه الشياطين ...
وأن يقاس النّبي الصادق الأمين بحفنة من الكهنة الأفاكين الكاذبين! ...
وهناك تفاسير مختلفة لجملة (يُلْقُونَ السَّمْعَ) :
فمنها : أن الضمير في (يلقون) عائد على الشياطين و «السمع» المراد منه المسموعات ، أي أن الشياطين يلقون مسموعاتهم إلى أوليائهم وأكثرهم كاذبون «ويضيفون على ما يلقيه الشياطين أكاذيب كثيرة!» ...
__________________
(١) «أفّاك» من : «الإفك». والإفك هو الكذب الكبير. فمعنى الأفلاك من يكذب كثيرا أكاذيب كبيرة ... و «أثيم» من مادة «إثم» على وزن (اسم) ومعناه في الأصل : العمل الذي يؤخر صاحبه عن الثواب ، ويطلق عادة على الذنب ، فالأثيم هو المذنب ...