والعشرين ساعة ـ متعب ويبعث على الضجر ، إذ أنّه يرغب في أن يكون حرا خلال فترة من الليل والنهار ليستريح بعيدا عن هذه القيود ، مع أسرته وبين أولاده ، لهذا يلجأ إلى منزله الخاص به ، وينعزل بذلك عن المجتمع بشكل مؤقت ، ليتخلص من قيوده ، فيجب أن يكون محيط المنزل آمنا إلى حدّ كاف.
وأمّا إذا أراد كلّ عابر الدخول إلى منازل الآخرين ، فلا تبقى حرمة لمنازل الناس ، ويسلب منها أمنها وحريتها ، وبهذا تتحول إلى بيئة عامّة كالسوق والشارع. ولهذا السبب كانت بين الناس ـ على مرّ العصور ـ أعراف خاصّة في هذا المجال. حتى أن جميع قوانين العالم تمنع الدخول إلى منازل الآخرين دون استئذان وتعاقب عليه ، وحتى في حالات الضرورة القصوى ولغرض حفظ الأمن وغايات أخرى أجيز عدد قليل على وفق القانون بالدخول إليها.
ونصّت الأحكام الإسلامية على تعاليم وآداب خاصّة في هذا المجال ، لا يشاهد نظيرها إلّا نادرا.
نقرأ في حديث أن الصحابي الجليل أبا سعيد الخدري استأذن على الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو مستقبل الباب فقال عليه الصلاة والسّلام : «لا تستأذن وأنت مستقبل الباب». (١)
وجاء في حديث آخر أن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب.
من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول : السّلام عليكم ، وذلك لأنّ الدور لم يكن عليها حينئذ ستور.
وجاء في الأحاديث الإسلامية ضرورة استئذان المرء حين دخوله إلى منزل والده أو والدته ، وحتى حين الدخول إلى منزل ولده. (٢)
وجاء في حديث عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جوابا على استفسار رجل : قال : أستأذن
__________________
(١) تفسير فخر الرازي ، المجلد ٢٣ ، ص ١٩٨ ، آخر آية موضع البحث.
(٢) المصدر السابق.