إلى عالم أرحب من الطّهر والاستقامة ، ويحول دون تقهقرها أو انحدارها في مهاوي الرّذيلة ، وقد أشارت الآيات ـ موضع البحث ـ إلى أهم طرق مكافحة الفحشاء ، ألا وهو الزواج اليسير الذي يتمّ بعيدا عن أجواء الرياء والبذخ ، لأنّ إشباع الغرائز بشكل سليم وشرعي خير سبيل لاقتلاع جذور الذنوب ، أو بعبارة أخرى : كل مكافحة سلبية لا بدّ أن ترافقها مكافحة إيجابية.
لهذا تقول بداية الآية موضع البحث : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ).
و «الأيامى» جمع «أيّم» على وزن «قيّم» وتعني في الأصل المرأة التي لا زوج لها ، وكذلك تطلق هذه الكلمة على الرجل الذي لا زوجة له ، فيدخل في هذا المفهوم كلّ من ليس له زوج ، سواء كان بكرا أم ثيّبا.
وعبارة «أنكحوا» أي «زوّجوا» ـ وبما أنّ الزواج يتمّ بالتراضي وحرية الإختيار الطرفين ، فالمراد من هذا الأمر بالتزويج التمهيد للزواج ، عن طريق تقديم العون المالي عند الحاجة ، أو العثور على زوجة مناسبة ، أو التشجيع على الزواج والاستفادة من وساطة الأشخاص لحلّ المشاكل المستجدة.
وباختصار : إنّ مفهوم الآية واسع ، حتى أنّه ليضم كلّ خطوة وحديث في هذا المجال. ولا اختلاف في أنّ أصل التعاون الإسلامي يوجب تقديم العون من قبل المسلمين بعضهم لبعض.
وجاء ذلك هنا بصراحة ليؤكّد أهميّة الزواج الخاصّة. وهي أهميّة بالغة المدى ، إذ
ورد حديث بصددها عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قوله : «أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما». (١)
وجاء في حديث آخر عن الإمام موسى الكاظم عليهالسلام قوله : «ثلاثة يستظلون
__________________
(١) وسائل الشيعة ، المجلد ١٤ ، صفحة ٢٧ (الباب ١٢ من أبواب مقدمات النكاح).