ويهتم الإسلام كعادته بالعبيد الضعفاء اجتماعيا من أجل تيسير حريتهم ، فيتناول القرآن المجيد مسألة المكاتبة (وهي تعهد الغلام بتوقيعه اتفاقا ينص على القيام بعمل معيّن أو دفع مبلغ مقابل عتقه) ، فتقول الآية (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً).
وتقصد عبارة (عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) أي قد بلغوا من النمو الجسمي ووجدتم فيهم صلاحية لإبرام العقد ، وقدرتهم على إنجاز ما تعهدوا به.
أمّا إذا لم يتمكنوا من الوفاء بما عاهدوا عليه ، فلا ينبغي مكاتبتهم وعتقهم ، لأنّ في ذلك ضررا عليهم وعلى المجتمع ، فيجب تأجيل ذلك إلى وقت آخر يؤهّلهم من حيث القدرة والصلاحية ، ولأجل ألا يقع العبيد في مشاكل لا يتمكنون من حلّها ويعجزون عن تسديد ما بذمتهم ، يدعو القرآن الكريم إلى مساعدتهم فيقول : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ).
هناك اختلاف حول هذا المال بين المفسّرين : فقال عدد كبير منهم : ـ إنّه حصة من الزكاة ، مثلما نصت عليه الآية (٦٠) من سورة التوبة. ليتمكن العبيد من الوفاء بدينهم وانعتاقهم.
وقال آخرون : على مالك الغلام أن يتبرع بقسم من أقساط الدّين ، أو يساعده بإعادته إليه ، ليتمكن من الحياة الحرّة.
كما يحتمل أن المقصود هنا منح العبيد في البداية مبلغا للإنفاق ، أو جعله رأسمال لهم ليمكنهم من التجارة والعمل وإدارة شؤونهم الخاصّة ، ودفع الأقساط التي بذمّتهم ، وطبيعي أنّ التفاسير الثلاثة هذه غير متناقضة. ويمكن للآية السابقة أن تستوعبها جميعا.
والهدف الحقيقي هو أن يشمل المسلمون هذه الطبقة المستضعفة بمساعداتهم لتتحرر بأسرع وقت ممكن.
وروي عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية : «تضع عنه من نجومه