وبالرغم من أن العالم المعاصر يدّعي التحضّر وإزالة معالم العبودية القديمة ، إلّا أنّ الجرائم والمفاسد الخلقية تشيع بشكل أكثر توحّشا من كلّ ما حدث في غابر الأيّام ، ونسأل الله أن يحفظ الإنسانية من شرّ هؤلاء الذين يدّعون التمدّن.
كما نحمده ونشكره على زوال هذه المعالم من إيران بعيد انتصار الثورة الإسلامية.
وجدير بالذكر أنّ عبارة (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) لا تعني في مفهومها أنهنّ إن رغبن في الفساد فلا مانع من إجبارهن ، بل تعني نفي الموضوع بشكل تامّ من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، لأنّ مسألة الإكراه تصدق في حالة عدم الرغبة فيه. وإلّا فبيع الجسد وإشاعة هذا الفعل بأية صورة كانت هو من كبائر الذنوب.
وجاءت هذه العبارة لتثير غيرة مالكي الجواري إن كان لهم أدنى غيرة ، ومفهومها أنّ الجواري مع أنهنّ من الطبقة الدانية ولكن لا يرغبن في ارتكاب الفاحشة. فلما ذا ترتكبون هذه الأعمال المنحطة على الرغم من تصوركم أنّكم طبقة راقية؟
وفي الختام ـ على حسب الأسلوب الذي يتبعه القرآن ـ يفتح طريق التوبة للمذنبين ، ويشجعهم على إصلاح أنفسهم : (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
ويمكن أن تكون هذه الجملة ـ كما قلنا ـ إشارة إلى الوضع السائد بين ملّاك الجواري الذين غلب عليهم الندم ، واستعدوا للتوبة وإصلاح أنفسهم.
أو تكون هذه الجملة إشارة إلى النسوة اللواتي يرتكبن هذا العمل القبيح بإكراه من قبل أسيادهنّ.
وعلى نهج القرآن ، نجد آخر الآيات ـ موضع البحث ـ تستنتج وتلخّص الموضوع المطروح خلال إشارتها إلى البحوث السابقة : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) وكذلك دروس وعبر من الأقوام الماضية تنفعكم في يومكم هذا : (وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ).
* * *