كثير العمل والاشتغال لا يمل من ذلك ولم يزل حاله على حسن نظام الى ان قدر الله عليه ما قدر توفي معتقلا بقلعة دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ودفن بالقبيبات (١) وشهد جنازته خلق لا يحصون كثرة انتهى. وقبره مشهور بآخر مقبرة المزرعة شرقي المزار المعروف بصهيب الرومي قبلي الزويزانية وشمالي زاوية الرفاعي شرقي ميدان الحصى ويتبرك بالدعاء عنده.
[بدر الدين السبكي]
ثم درس بها قاضي القضاة بدر الدين ابو عبد الله محمد ابن قاضي القضاة بهاء الدين ابي البقاء المتقدم ذكره. ميلاده في شعبان سنة احدى [ص ٤٤] وأربعين وسبعمائة وسمع من جماعته واخذ عن والده وغيره من علماء العصر وفضل في عدة فنون واشتغل وافتى ودرس وحدث بمصر والشام وغيرهما ودرس بدمشق بالاتابكية مدة والرواحية وغيرهما وناب عن والده في القضاء بالقاهرة وباشر عدة وظائف وولي مشيخة الحديث بالقبة المنصورية ثم ولي القضاء عن ابن جماعة في شعبان سنة تسع وسبعين واعطيت قبة الشافعي ـ التي كانت بيده وتولاها لما انتقل والده الى قضاء الشافعية ـ للبلقيني والمنصورية للقومي ، فباشر سنة ونحو اربعة اشهر ثم عزل واعيد ابن جماعة ، واستمر بطالا ليس بيده وظيفة أزيد من ثلاث سنين ، ثم اعيد الى القضاء في صفر سنة اربع وثمانين فباشر خمس سنين ونحو خمسة اشهر ، ثم عزل ، ثم تولى ابن جماعة ، وولي خطابة الجامع الاموي وتدريس الغزالية ثم صرف في رجب سنة احدى وتسعين ، ثم
__________________
(١) في الاصل «ودفن بالقبيبات» مكررة مرتين وهي محلة مشهورة في الميدان قرب الجامع الكريمي «جامع الدقاق» سميت بذلك لأن أكثر بيوتها ذات قباب ولا يزال بعضها باقيا الى الآن.