ثم حبب اليه في سنة ست وتسعين سماع الحديث على الاوضاع المتعارفة ، فسمع على مسندي القاهرة ثم خرج في التي تليها للبرهان الشامي ، ورحل الى الاسكندرية فسمع بها ، وركب البحر المالح الى بلاد اليمن غير مرة ، أولها سنة ثمانمائة فسمع بها ، وارتحل إلى دمشق في سنة اثنتين وثمانمائة فسمع بها على الحجار بالصالحية ، وأجاز له القاضي سليمان بن أبي عمر وأقام بها مائة يوم حصل فيها نحو ألف جزء غير الكتب (١) الكبار ، ثم رجع الى مصر واشتغل بالتصنيف وأكمل كتاب تعليق التعليق في سنة ثلاث وثمانمائة ، وتفقه على السراج البلقيني وهو أول من أذن له بالفتوى والتدريس ، وانتفع في علم الحديث بالحافظ الزين العراقي ، وأخذ الأصول عن العز محمد بن أبي بكر بن جماعة ، وجد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى ، وله الخلق الرضي وسرعة الكتابة والكشف والقراءة وأسرع ما وقع له ان قرأ في رحلته الشامية معجم الطبراني الصغير في مجلس بين صلاتي الظهر والعصر وهو نحو من الف وخمسمائة حديث باسانيدها لانه أخرج فيه عن ألف شيخ كل شيخ حديث او حديثان.
ثم ولي تدريس الحديث بالشيخونية ، ثم تدريسها على مذهب الشافعي ، ثم التدريس عليه بالمؤيدية ، ثم فوض اليه الاشرف قضاء مصر يوم السبت ثاني عشري المحرم سنة سبع وعشرين فباشرها على ما يليق به لكن بنكد ، ثم صرف ، ثم اعيد ، وكانت هذه الولاية احسن ثم صرف ثم أعيد ثم صرف ثم أعيد ، ثم عزل نفسه ، ثم أعاده السلطان ، ثم صرف ، ثم أعاده ، ثم صرف ، ثم أعاده ، ثم صرف ، وعقد مجلسا للاملاء قديما ، ثم فتر عنه ، ثم عاد اليه ، واستمر إلى أن مات.
وبلغت عدة أماليه ألف مجلس وأربعون مجلسا ، منها : تخريج
__________________
(١) انظر ص ١٣٨ كيف ان بن حجر اخذ من دار الحديث الضيائية التي بالصالحية عدة احمال من الكتب.