وحصلت له محنة شديدة وسجن بالقلعة نحو ثمانين يوما ثم عاد الى القضاء ودرس بمصر والشام بمدارس كبار : العزيزية والعادلية الكبرى والغزالية والعذراوية والشاميتين والناصرية والامينية ومشيخة دار الحديث الاشرفية وتدريس الشافعي بمصر والشيخونية والميعاد بالجامع الطولوني وغير ذلك ، وقد ذكره الذهبي في المعجم المختص وأثنى عليه وقال : أجاز له الحجار وطائفة ، وقال الشهاب بن حجي : خرج له ابن سعد مشيخة ومات قبل تكميلها وحصل فنونا من العلم ، وكان ماهرا في الاصول والحديث والادب وشارك في العربية ، وكان له يد في النظم والنثر جيد البديهة ذا بلاغة وطلاقة لسان وجراءة جنان وذكاء مفرط وذهن وقاد وقدرة على المناظرة ، صنف تصانيف عدة في فنون على صغر سنه وكثرة اشتغاله قرئت عليه وانتشرت في حياته وبعد موته ، وانتهت اليه رئاسة القضاء والمناصب بالشام وحصل له محنة بسبب القضاء وأوذي فصبر وسجن فثبت وعقدت له مجالس فأبان عن شجاعة وأفحم خصومهم (١) مع تواطئهم عليه ثم عاد الى رتبته وعفا وصفح عمن قام عليه وكان سيدا جوادا كريما مهيبا تخضع له أرباب المناصب من القضاة وغيرهم ، وقال ابن كثير : جرى عليه من المحن ما لم يجر على قاض قبله ، وحصل له من المناصب ما لم يحصل لاحد قبله.
كان معه حين توفي منها القضاء والخطابة والعادلية والغزالية والشامية البرانية والجوانية والامينية ودار الحديث الاشرفية ودار الحديث الظاهرية وكان يباشر الاسوار والبيمارستان ، وقد درس في وقت في القيمرية والرواحية والتقوية والدماغية والناصرية الجوانية والمسرورية انتهى ، توفي شهيدا بالطاعون في عشية الثلاثاء سابع ذي الحجة
__________________
(١) لعله خصومه.