الليلة أو في الثانية : هذا يصعب قال : لا بد من آية](١) ، فقال : آية ذلك أن تجد مكان الآس محتفرا ، فأصبح فوجده محتفرا قريبا من قامة ، فعمره بثمن الغنم وبقي سقفه فاشترى له الخشب من ماله من الروم ، ونحن حضرنا في هذا المشهد المبارك وصلينا فيه ورأينا في الجبل آثار بنيان حسن ، قالوا : ان اسمه شهرا.
وفيما روينا عن هذا الشيخ أبي بكر أنه قال في نظم له ما معناه : ان من طاف حول المشهد سبعا وأخذ من ترابه نفع كحلا للرمد ، ورأيناهم يأخذونه من تراب المحراب من داخل ، ولا يستنكر مثل ذلك لمثل هذا المشهد المبارك الا جاهل مضاد للحق ، ولو أخذ من التراب ولم ينفعه فليعلم أن موجب المنع منه ذلك ، وفي ذلك كلام طويل [ص ١٨١] وقد تاه فيه جماعة ممن لم يجمع العلوم ولا له مادة.
* * *
ولهذا الشيخ أبي بكر ولد اسمه محمد كان من أعيان الرجال ، وورث الطريق وله أحوال وآثار ننقلها بالتواتر لو لا الاختصار لذكرناها. روينا عن جماعة من أهل منبج وغيرهم قالوا لنا : وصلنا بأهالينا هاربين من التتار في سنة ثمانين وستمائة الى جبل من أرض سلمية على مرحلة من حمص ، فلما كان يوم الاربعاء بعد العصر تأهب الشيخ الصالح محمد ابن الشيخ أبي بكر العرودك الذي ذكرنا آنفا ، وتحزم ، وأخذ عمودا أو نحوه ، وجعل يقاتل في الهواء غائب العقل ، والجماعة حوله يعلمون أنه في مهم في مثل ذلك الوقت ، الى الثالثة من نهار الخميس ثانية ثم استلقى كالميت ، وكل ما عليه مع بدنه وعموده مضمخ بالدماء الصائرة اليه من حيث لا يرى ، ثم أفاق بعد ساعة والجماعة حوله يبكون فقبلوا يديه ورجليه وسألوه عما جرى ، فأخبرهم
__________________
(١) في الاصل : فأما آية ، قال تلك الليلة او في الثانية هذا يصعب.