بانه قاتل خفر التتار (١) وقتل كبيرهم وأنهم في هذا اليوم ينكسرون ، ففرح بذلك المؤمنون ، واستهزأ به المنافقون وخاضوا فيما لا يعلمون ، ثم كان كما قال ، وخسر هنالك المبطلون.
وروينا عنهم ايضا اعني المنابجة انهم حين تحصنوا بقاطر منبج في سنة سبعمائة ثاني سنة المحنة القازانية ومعهم هذا الشيخ قال يوما انما قتلت خفر التتار سنة خمس ، وغدا يأتي خفيرهم يقتلني بسببه ، وذكر حليته وفرسه ، فجاء جماعة بكرة وفيهم الموصوف ـ وكان قد داخل الجماعة الشك ـ فلما أخبروه بمجيئهم كما قال أخذ عدته وهم بالخروج من داخل القاطر ، والجماعة يرون الخفير خارجا يرمي بالسهام فقال الشيخ من داخل : قتلني فحمله النساء ثم الرجال وخطوا به خطوات وألقوه على فراشه فبقي متألما يومين أو ثلاثة ثم قال ليلا : أحسست الساعة بأسد قد أكلني ثم خر لقفاه فوجد لساعته ميتا ، ودفن فوق القاطر ونحن زرنا تربته رحمة الله عليه.
وكان للشيخ محمد ابن اسمه معبد سنه يقارب ست سنين فقال للجماعة : الذي قتل أبي يقتل بعد قليل ، فلما كسر المسلمون التتار في أول رمضان المعظم قدره سنة اثنتين وسبعمائة بشقحب على مرحلة قبلي دمشق المحروسة ، قال الصبي قتل قاتل أبي ، ونحن اجتمعنا بمعبد فرأيناه يذكر بعض ذلك ولكن الرواة عدول. ولمعبد الآن حال حسن يقرب من حال أبيه. وبذلك أخبر فليعلم.
واعلم انا رأينا القاطر وهو من المحامي العظيمة المشهورة القليلة
__________________
(١) ترى الصوفية بأن لكل جماعة من الناس او منطقة من الارض خفيرا باطنيا لا يظهر للناس ولا يعرفه الا الاولياء ، فلدمشق خفير ولبيروت خفير ، وللقاهرة خفير ، ولكل دولة من الدول ، او جيش من الجيوش خفير ايضا ويكون ذلك بتوظيف من الله تعالى او من كبير الاولياء ، وهؤلاء الخفراء يتصادقون ويتعادون كبقية الجماعات.