وعلى ذلك فالعزم أمّا بمعنى القصد الجازم كما هو الحق أو الصبر والثبات ويؤيده ما رواه القمي في تفسير الآية حيث قال : وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم ، ومعنى اُولوا العزم : أنّهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله وأقروا بكل نبي كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب لهم والأذى (١).
ولا يرد على هذه الرواية ما أوردناه على السابقة ، نعم انحصاره في الخمسة المذكورة في الرواية يحتاج إلى دليل قاطع.
ومع ذلك فهذا القول أقرب الأقوال لكن بتصرف فيه وهو أنّ جعل « اُولوا العزم » من الرسل حيث قال : اُولوا العزم من الرسل يدل على أنّ عزمهم القوي كان في تبليغ رسالتهم ونشرها بين الناس ، لا مجرد إبتلائهم بالشدائد والبلايا ولو في غير طريق نشر الدين ، فابتلاء يعقوب ويوسف وأيوب وغيرهم لا يجعلهم داخلاً في « اُولوا العزم من الرسل » بما هم رسل ذووا رسالة من الله سبحانه إلى عباده.
ويؤيده أنّ الآية بصدد تحريض النبي على تحمل المشاق في طريق دعوته ورسالته ، والقرآن يصف نوحاً وإبراهيم وموسى بكونهم ذوي عزائم قوية في سبيل الدعوة وتبليغ الدين ولعلّ ههنا من يصفه القرآن بهذا الوصف أو هو كذلك وإن لم يصفه القرآن ولكنّا غير واقفين عليه.
الوجه الرابع :
من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه وهم خمسة اوّلهم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم روي عن ابن عباس وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام قال : وهم سادة النبيين وعليهم دارت رحى المرسلين(٢).
__________________
(١) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٠٠.
(٢) مجمع البيان ج ٥ ص ١٩٤.