يرجع إلى التصرف في معنى « النبيين ».
بيانه أنّ قوله سبحانه : ( وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) لا يدل على انتهاء النبوّة بوجوده صلىاللهعليهوآلهوسلم لاحتمال كون المراد من « الخاتم » الحلية التي تزين بها الاصبع وعندئذ يصير الهدف من اطلاق « الخاتم » عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم واستعارته له هو تشبيه نبي الإسلام بالخاتم في الزينة وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بلغ من الكمال مبلغاً حتى صار زينة الأنبياء ، فهو بين تلك العصابة كالخاتم في يد لابسه.
وهنا احتمال آخر تسقط معه أيضاً دلالة الآية على ما يرتأيه المسلمون من اختتام النبوّة به صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو جواز أن يكون المراد من خاتم النبيين أنّه مصدق للنبيين وما اُنزل إليهم من الصحف والكتب ، كما قال سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) ( المائدة ـ ٤٨ ) وقد تقدمت تصاريح التاريخ على أنّ الدارج في عصر الرسالة هو طبع الكتاب وتصديق ما فيه بالخاتم ، فيصير اطلاق الخاتم عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم واستعارته له ، لأجل أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتم النبيين ومصدقهم كالخاتم الذي هو مصدق لمضامين الكتب والصحف ، فأين الدلالة على انسداد باب النبوّة (١).
الجواب :
انّ هذا التشكيك بمعزل عن التحقيق ، بل لا يستحق أن يطلق عليه اسم التشكيك والشبهة ، ولا يعرج عليه أي عربي أصيل ، وأي عارف باللغة العربية ، بل أي شخص له أدنى إلمام بها ولا يتردد في مخيلة أي ابن انثى ، إذا كان ذا فكر سليم وذوق مستقيم ، ولا يجود احتماله في كلمات القدامى والمتأخّرين.
إذ لم تعهد استعارة الخاتم في مصطلح العرف للشخص ، لغاية الزينة والتصديق على وجه المجاز ، أو استعماله فيهما على وجه الحقيقة منذ عصر الرسالة إلى يومنا هذا.
وقد عرفت المعنى الحقيقي لتلك الكلمة ، ولم تكن الزينة أو التصديق أحد
__________________
(١) الخاتمية ص ٢٣.