معانيه ، وأمّا استعماله فيهما مجازاً ، فيتوقف على حصول أمرين :
الأوّل : أن يكون الاستعمال متعارفاً ودارجاً بين أهل اللسان ، أو يكون ممّا يستحسنه الطبع والذوق ، وكلاهما منتفيان (١).
الثاني : وجود قرينة مقالية أو حالية صارفة عن المعنى الحقيقي ، وإلا فيحمل على المعنى الموضوع له ، وهي أيضاً منتفية.
ولما كانت هذه الشبهة أشبه شيء بحديث خرافة ، وشبه السوفسطائية لم يلتفت إليه أحد من مناوئي الإسلام ، حتى مؤسس الفرقة الضالّة وزعيمها الأكبر ، بل فسّر هو نفسه في بعض كتبه (٢) ( خَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) على خلاف ما ذكر في الشبهة ، وقال : « والصلاة والسلام على سيد العالم ، ومربي الاُمم ، الذي به انتهت الرسالة والنبوّة وعلى آله وأصحابه دائماً سرمداً ... ».
وصرّح بذلك في « ايقانه » (٣) وفسره بالختم والانتهاء ، نعم أتى بعد ذلك بتأويلات باردة يشمئز منها الطبع ، وإنّما اوّل ما اوّل ليمهد الطريق لدعوى نبوّته وسفارته من الله سبحانه.
هلم معي نسأل مبدع الشبهة عن أنّه لماذا خص سبحانه « الخاتم » بالاستعارة ، مع أنّ التاج والاكليل ، أولى وأبلغ في بيان المقصود ( الزينة ) ؟
هلم نسأله عن أنّه لو صح ما أراد ( من أنّ المراد أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مصدق النبيين ) ولن يصح ، ولو صحت الأحلام ، فلماذا عدل سبحانه عن أوضح التعابير وأفصحها ، ولم يقل « مصدق النبيين » كما عبّر به في غير واحد من السور (٤) عندما أراد توصيف النبي بكونه
__________________
(١) ولأجل ذلك لا تجد في الآداب العربية ولا الفارسية ولا غيرها من اللغات استعارة الخاتم للزينة والتصديق.
(٢) اشراقات ص ٢٩٢.
(٣) ايقان ص ١٣٦.
(٤) سورة البقرة : ٤١ و ٩١ و ٩٧ ـ آل عمران : ٣ وغيرهما.