( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ( الفرقان ـ ١ ).
وصريح النص أنّ الغاية من تنزيل الفرقان على عبده ( رسولنا ) كون القرآن نذيراً للعالمين ، أي الخلائق كلها من بدء نزوله إلى يوم يبعثون.
قال « الراغب » في مفرداته : العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض وهو في الأصل اسم لما يعلم به ، كالطابع والخاتم ، لما يطبع به وما يختم به ، وجعل بناءه على هذه الصفة ، لكونه كالآلة والعالم آلة ، في الدلالة لصانعه ، وأمّا جمعه فلأن كل نوع من هذه قد يسمى عالماً ، فيقال عالم الانسان وعالم الماء ، وعالم النار ، وأمّا جمعه على السلامة فلكون الناس من جملتهم والانسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب عليه حكمه ، وقيل إنّما جمع هذا الجمع لأنّه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والناس دون غيرها وروي هذا عن ابن عباس وقال جعفر بن محمد عنى به الناس ، وجعل كل واحد عالماً (١).
وقال : العالم عالمان : الكبير وهو الفلك بما فيه والصغير لأنّه مخلوق على هيئة العالم (٢).
قال الزمخشري : العالم اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين ، وقيل كل ما علم به الخالق من الأجسام والأعراض ، وجمع ليشمل كل جنس مما سمّي به ، وأمّا جمعه بالواو والنون مع كونه اسماً غير صفة وإنّما يجمع بها صفات العقلاء ، أو ما في حكمها من الأعلام ، فلأجل معنى الوصفية فيه وهي الدلالة على معنى العلم (٣).
__________________
(١) هذا هو الحق الذي لا مرية فيه ، ويشهد له ما نقله سبحانه ، عن قوم لوط في خطابهم له ، عند نزول ضيوفه : ( قَالَ إِنَّ هَٰؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( الحجر : ٦٨ ـ ٧٠ ) أي قالوا في جوابه : أوليس كنا قد نهيناك عن أن تستضيف أحداً من الناس ، ولا معنى لأن ينهوه عن الأجرام السماوية ، أو الجن والملائكة.
ونظيره قوله سبحانه ـ حكاية عن لوط في الرد على قومه ـ : ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ) ( الشعراء ـ ١٦٥ ) فالمراد من العالمين فيه هو الناس بلا ريب.
(٢) المفردات للراغب ص ٣٤٩.
(٣) الكشاف ج ١ ص ٦.