مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ) ( النساء ١٢٣ ـ ١٢٤ ) (١).
وأنت إذا لاحظت ما ذكره المؤلّف وما قد حررناه من قبل تجد الجوابين متوافقي المضمون ، متشاكلي المعنى.
وإذا وقفت على هدف الآية ومرماه فلندخل في صميم الإجابة الثانية حتى نثبت أنّها لا تمتّ بصلة إلى مدّعى القائل ، إذ الآية تسوقنا إلى أنّ الاعتبار في النجاة هي ( الحقائق والمسمّيات والمعاني ) دون الصور والأسماء والقشور.
وأمّا ما هو حقيقة الإيمان بالله وما هو شرطه ، وما المقصود في العمل الصالح وكيف يتقبل.
فالآية ساكتة عن بيانها ومنصرفة عن توضيحها ، وإنّما تطلب هذه الشروط والقيود من سائر الآيات ولأجل ذلك يجب أن ينضم إلى الآية سائر ما ورد من الآيات الورادة في باب الإيمان بالله والإتيان بالعمل الصالح حتى نقف على مرمى القرآن.
فنقول : ليس معنى الإيمان بالله أن يقر الانسان بوجود الله ، ويعترف بوحدانيته بل المراد هو التسليم لله ، كما في قوله سبحانه :
( بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( البقرة ـ ١١٢ ).
وقد دلّت الآيات القرآنية على أنّ الإيمان بالله لا ينفك عن الإيمان بأنبيائه ورسله حيث قال سبحانه :
( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
__________________
(١) الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة طبعة دار القلم ص ١٩٠ ـ ١٩٦ وهو من أنفع كتب المؤلّف غير أنّه يعتمد في المسائل الفقهية على رأي كلّ صحابي أو تابعي ، وينقل آراء أصحاب المذاهب الأربعة ولا ينقل رأي واحد من أئمة أهل البيت غير الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام.