فقد تمثلت المناصب الثلاثة في شخص إبراهيم.
إذ كان عليهالسلام يمثل منصب الإمامة ، كما كان يمثل منصبي النبوّة والرسالة ولقد حباه الله سبحانه منصب الإمامة ، بعد ما منحت له النبوّة وأرسله رسولاً ويدل على ذلك قوله سبحانه : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) ( البقرة ـ ١٢٤ ) (١).
والأئمّة الاثنا عشر لدى الإمامية يمثلون منصب الإمامة ، من دون أن يكونوا أنبياء أو رسلاً ، فهم أئمّة الدين ، وأولياء الله بين الاُمّة ، ولهم رئاسة إلهية عامة ، دينية ودنيوية على وجه يوجب على الاُمّة الانقياد لهم وهم حجج الله على عباده يهتدى بهم إليه سبحانه ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده (٢).
والباعث على انفتاح باب الولاية الإلهية في وجه الاُمّة ، بعد ختم النبوّة والرسالة وإيصاد بابها بالتحاق الرسول الكريم بالرفيق الأعلى اُمور نشير إلى واحد منها (٣).
لا يختلف اثنان من المسلمين بانقطاع وحي السماء عن وجه الأرض بموت النبي وقبضه كما لا يختلفان في أنّ النبي قام بمهمة التشريع والتبليغ وتثقيف الاُمّة الإسلامية بالثقافة الدينية وبث العقيدة الدينية فيهم وحفظ الشريعة عن شبهات المنكرين وإرجاف المرجفين بأحسن الوجوه وأكملها وقال سبحانه : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) ( المائدة ـ ٣ ) غير أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يراعي في نشر الأحكام حاجة الناس ومقتضيات الظروف فكانت هناك اُمور مستجدة
__________________
(١) روى ثقة الإسلام الكليني عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال سمعته يقول : أن اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً ، واتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً ، واتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً ، واتخذه خليلاً قبل أن يتخذه إماماً ، فلما جمع له هذه الأشياء وقبض قال له يا إبراهيم إني جاعلك للناس إماماً فمن عظمها في عين إبراهيم قال يا ربّ ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ( الكافي باب طبقات الأنبياء والرسل ج ١ ص ١٧٥ ).
(٢) هكذا وصف الإمام باقر العلوم ، راجع الكافي باب « إنّ الأرض لا تخلو من حجة » ج ١ ص ١٧٨.
(٣) قد أوضحنا تلك الاُمور في الجزء الثاني من هذه الموسوعة فلاحظ بحث : صيغة الحكومة الإسلامية بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.