المعلومات ، لنقصانها.
٢. صفاؤها عن كدورات ظلمة الطبيعة ، وخبائث المعاصي ، وهو بمنزلة الصيقل عن الخبث والصدأ.
٣. توجّهها التام وانصراف فكرها إلى المطلوب ، بأن لا يكون غارقاً في الاُمور الدنيوية ، وهو بمنزلة المحاذاة.
٤. تخليتها عن التعصب والتقليد ، وهو بمنزلة إرتفاع الحجب.
٥. التوصل إلى المطلوب بتأليف مقدمات ، مناسبة للوصول إليه على الترتيب المخصوص والشرائط المقررة ، وهو بمنزلة العثور على الجهة التي فيها الصورة.
ولولا هذه الأسباب المانعة للنفوس عن افاضة الحقائق اليقينية إليها ، لكانت عالمة بجميع الأشياء المرتسمة في العوالم الروحانية.
إذ كل نفس لكونها أمراً ربّانياً وجوهراً ملكوتياً بحسب الفطرة ، صالحة لمعرفة الحقائق ، فحرمان النفس عن معرفة حقائق الموجودات إنّما هو لأحد الموانع.
وقد أشار سيد الرسل إلى أنّ كدورات المعاصي وصدأها مانعة عن ذلك بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لولا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم ، لنظروا إلى ملكوت السماوات والأرض.
فلو ارتفعت عن النفس ، حجب السيئات والتعصب ، وحاذت شطر الحق الأوّل لتجلّت لها صورة عالم الملك والشهادة بأسرها ، إذ هو متناه يمكن لها الإحاطة به ، وصورة عالمي الملكوت وإلجبروت ، بقدر ما يتمكّن منه ، بحسب مرتبته (١).
فالعارف الشامخ في عالم المعرفة ، إذا اتصف بما ذكرناه : « صار سمع الله الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي يبطش بها ، إن دعاه أجابه ، وإن سأله أعطاه » (٢).
__________________
(١) جامع السعادات ج ١ ص ١٢٥ ـ ١٢٦ ولاحظ مقدمة ابن خلدون.
(٢) وسائل الشيعة ، كتاب الصلاة أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ـ الباب ١٧ الحديث ٦.