وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لولا تمريج في قلوبكم وتكثير في كلامكم ، لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع » (١).
وقال الصادق عليهالسلام : « ما أخلص عبد الإيمان بالله أربعين يوماً ، إلاّ زهّده الله في الدنيا ، وبصره داءها ودواءها ، وأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه » (٢).
وهناك كلمة طيبة عن الإمام أمير المؤمنين ، تعرب عن رأي الإسلام في المقام ، قال عليهالسلام :
« إنّ الله تعالى جعل الذكر جلاء للقلوب ، تسمع به بعد الوقرة ، وتبصر به بعد العشوة ، وتنقاد به بعد المعاندة ، وما برح لله ، عزت آلاؤه ، في البرهة بعد البرهة ، وفي أزمان الفترات (٣) ، عباد ناجاهم في فكرهم وكلمهم في ذات عقولهم » (٤).
فهو عليهالسلام يصرح بأنّ الذاكرين من عباده قد بلغ بهم المقام إلى درجة يناجيهم الله في سرائر ضمائرهم ، ويكلمهم من طريق عقولهم ، فهل يوجد مقام أرفع من هذا ، أو درجة أشرف من تلك.
وقريب من ذلك ما رواه الديلمي في إرشاده في خطابات له سبحانه لنبيّه في ليلة المعراج بلفظ « يا أحمد ! فمن عمل برضائي الزمه ثلاث خصال ، أعرفه : شكراً لا يخالطه الجهل ، وذكراً لا يخالطه النسيان ، ومحبّة لا يؤثر على محبّتي محبّة المخلوقين ، فإذا أحبّني أحببته وأفتح عين قلبه إلى جلالي ، ولا اُخفي عليه خاصّة خلقي ، واُناجيه في ظلم الليل ونور النهار ، حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين ومجالسته معهم ، وأسمعه كلامي وكلام ملائكتي ، واُعرفه السرّ الذي سترته عن خلقي ، وألبسه الحياء حتى يستحي منه الخلق كلهم ، ويمشي على الأرض مغفوراً له ، وأجعل قلبه واعياً وبصيراً ، ولا اُخفي عليه شيئاً
__________________
(١) حديث مشهور.
(٢) سفينة البحار ، مادة « ربع ».
(٣) التخصيص بعد التعميم فلا يضر بالمطلوب لو كان المراد منه الفترة بين المسيح وبعثة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٤) نهج البلاغة ، الخطبة ٢١٧.