ونحن مع هذا الاعتراف الصريح لا نقر بما جاء في الحديث حول تفسير الاُمي وأنّه منسوب إلى اُم القرى ولا نرمي أئمّة الأدب بالخطأ والاشتباه ، إذ الحديث قاصر سنداً وينتهي إلى من اختلفت فيه كلمة أهل الجرح والتعديل ، إلى من لم تتضح حاله ووثاقته ، ولو ثبت صدوره عن أئمّة أهل البيت ، لهدمنا القاعدة النحوية في باب النسب وأخذنا بما فيه.
ثالثاً : إنّ الحديث لا ينسجم مع مضمون ما سيوافيك من الحديثين (١) ، فإنّ مفادهما هو كون النبي يقرأ ولا يكتب أصلاً ، وهذا يثبت له القراءة والكتابة باثنين وسبعين لساناً ، فلا مناص في مقام الترجيح عن الأخذ بهما وطرح ذاك ، لقوة اسنادهما وصحتهما على ما عرفت.
٢. أخرج الصدوق في معاني الأخبار عن ابن الوليد عن سعد عن الخشاب عن علي بن حسان وعلي بن أسباط وغيره رفعه إلى أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت : إنّ الناس يزعمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكتب ولم يقرأ ؟ فقال : كذبوا لعنهم الله أنّى يكون ذلك وقال الله عزّ وجلّ : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ، فيكون يعلّمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ أو يكتب به ؟ قال : قلت : فلم سمّي النبي الاُمي ؟ قال : نسب إلى مكة وذلك قول الله عزّ وجلّ : ( وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ) فاُم القرى مكة فقيل اُمّي لذلك (٢).
ونقله صاحب البصائر عن عبد الله بن محمد عن الخشاب عن علي بن حسان وعلي بن أسباط وغيره رفعه إلى أبي جعفر (٣).
__________________
(١) راجع البحث الآتي تحت عنوان « عرض وتحقيق » والمقصود من الصحيحين ما رواه هشام بن سالم ، والحسن الصيقل عن الصادق عليهالسلام.
(٢) علل الشرائع ص ٥٤٢.
(٣) بصائر الدرجات ص ٦٢ ، بحار الأنوار ج ١٦ ص ١٣٣.