( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ) ( الدخان : ١٠ ـ ١٦ ).
فقد تنبّأ في هذه الآيات السبع عن عدة مغيبات هي :
١. الإخبار عن القحط الذي يقع بهم ، وشدة الجوع الذي يغشاهم ، إلى حد يتصوّر الرجل السماء كالدخان ، لما به من شدة الجوع ، حيث قال سبحانه : ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ).
٢. الإخبار بابتهالهم وتضرّعهم إلى الله سبحانه ، عندما تلم بهم هذه الأزمة ، ويحل بهم الجوع والغلاء ، قال سبحانه : ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ).
٣. الإخبار برفع العذاب وكشفه عنهم قليلاً ، قال سبحانه : ( إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً ).
٤. الإخبار بعودهم إلى ما كانوا عليه من الكفر والإنكار ، قال سبحانه : ( إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ).
٥. الإخبار بأنّ الله سينتقم منهم يوم البطشة الكبرى ، وهو يوم بدر الكبرى حيث انتقم منهم وقتل من صناديد قريش ، سبعون رجلاً وأسر منهم مثله وفرّ الآخرون.
وهذه الكثرة الوافرة من الأنباء الغيبية لم تتخلّف واحدة منها ، بل تحققت كما أخبر بها ، ولو لم يتحقق لنقل لتوفر الدواعي على نقله وتواتره.
نعم قيل إنّ الدخان الوارد في الآية من أشراط الساعة (١) ، وهو بعد لم يأت وإنّما يأتي قبل يوم الساعة ، وتكون الأرض كلّها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص ، ويستمر ذلك أربعين يوماً. ولا يخفى أنّ المعنى الأوّل أظهر وأنسب لقوله سبحانه : (أَنَّىٰ لَهُمُ
__________________
(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٦٢.