ولكن هذا الأمر يختلف من أن نقول : إنّ الله أخفى عن نبيّه أحوال المنافقين حتى آخر عمره.
وثانياً : في الوقت الذي يخاطب الله نبيّه بقوله : ( لا تَعْلَمُهُمْ ) في مورد المنافقين ، يخاطبه في موضع آخر بقوله : ( وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ) ( محمد ـ ٣٠ ) فهذه الآية الثانية تعرفنا امكان معرفة النبي للمنافقين عن طريق أقوالهم.
وثالثاً : لم يكن المنافقون مجهولين للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دائماً كيف وقد عرفهم القرآن بذكر الأوصاف المختلفة لهم كما في الآية التالية : ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) ( المنافقون ـ ٤ ).
لقد وصفوا في هذه الآية بالأوصاف التالية :
١. اعطوا بسطة في الجسم.
٢. يمثّلون في ظاهرهم الحق والدين.
٣. إنّهم كالخشب المسندة التي اُسندت إلى جدار (١).
وهناك آيات اُخرى تعرف المنافقين في نفس هذه السورة ( المنافقون ) وهي ظاهرة لمن نظر إليها بدقة بل كشف النقاب عن المنافقين وعرفهم بصورة واضحة في صورة التوبة بقوله سبحانه : ( وَلا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ) ( التوبة ـ ٥٤ ) وهكذا سائر الآيات الواردة في هذه السورة.
ورابعاً : إنّ الله يأمر نبيّه بمحاربة الكفّار والمنافقين وعدم اتباع أقوالهم كما في قوله :
__________________
(١) والمقصود من هذا التشبيه : أنّ آيات القرآن وكلمات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الحكيمة لم تؤثر فيهم الأثر الحسن المطلوب ، ولم يظهر منهم أي رد فعل ايجابي تجاه تلكم الأقوال الهادية ، فهم كالخشب المسندة أجسام لا روح فيها.