كان لي من علم من جانب نفسي وذاتي بالخصومة التي وقعت بالملأ الأعلى. وهذا العلم الذاتي ليس من شأن البشر.
ولكن هذا لا يدل على عدم العلم على الاطلاق ليشمل عدم علمه عن طريق الوحي أيضاً أو في المستقبل مثلاً ، وأحسن دليل على هذا الموضوع هو الآية التالية لها حيث تقول : ( إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) فتدل الآية على أن ترقب علم الغيب الذاتي من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عبث ، إنّما هو نذير ، لا يوجد عند نظير مثله ما يتوقعون ولا يمكنه الاطلاع على الغيب بغير إيحاء منه سبحانه ولكنه لا يمنع من اطلاعه عليه عن طريق الكسب كما تقدم ، وكونه نذيراً لا يمنع أن يطلعه الله على بعض الاُمور الغيبية التي تعزز هدفه ، وتؤيده في الطريق ، حيث يتمكن بواسطة بث الاُمور الغيبية للناس إدخال خوف الله إلى قلوبهم فيكون نذيراً حقاً.
وإذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد نفى عن نفسه في هذا الموضع العلم بخصومة الملأ الأعلى ، نجده صلىاللهعليهوآلهوسلم في مواضع اُخرى من القرآن يذكر هذه الخصومة بصورة تفصيلية ، ألا يدل ذلك النفي وهذا الاثبات على ما قلناه من أنّ هدف النفي في الموضع الأوّل هو نفي العلم الاستقلالي عن نفسه لا التبعي ؟