من الخالي منها على جميع الأحوال (١).
١١. لما قتل الخوارج وقيل له : يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم فأجابهم :
كلاّ والله ، إنّهم نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء (٢) كلّما نجم منهم قرن قطع حتى يكون آخرهم لصوصاً (٣) سلاّبين.
قوله عليهالسلام : « كلّما نجم منهم قرن قطع » استعارة حسنة ، يريد : كلّما ظهر منهم قوم استؤصلوا ، فعبّر عن ذلك بلفظة « قرن » كما يقطع قرن الشاة إذا نجم ، وقد صح إخباره عليهالسلام عنهم انّهم لم يهلكوا بأجمعهم في وقعة النهروان وأنّها دعوة سيدعو إليها قوم لم يخلقوا بعد ، وهكذا وقع وصحّ إخباره عليهالسلام أيضاً أنّه سيكون آخرهم لصوصاً سلاّبين ، فإنّ دعوة الخوارج اضمحلّت ورجالها فنيت حتى أفضى الأمر إلى أن صار خلفهم قطّاع طرق متظاهرين بالفسوق والفساد في الأرض.
وممّن انتهى أمره منهم إلى ذلك الوليد بن طريف الشيباني في أيام الرشيد بن المهدي فأشخص إليه يزيد بن مزيد الشيباني فقتله وحمل رأسه إلى الرشيد.
ثم خرج في أيام المتوكل ، ابن عمرو الخثعمي بالجزيرة فقطع الطريق وأخاف السبيل ، وتسمّى بالخلافة ، فحاربه أبو سعيد محمد بن يوسف الطائي.
وقد خرجت بعد هذين جماعة من الخوارج ، وكلّهم بمعزل عن طرائق سلفهم وإنّما وكدهم وقصدهم إخافة السبيل والفساد في الأرض واكتساب الأموال من غير حلّها (٤).
١٢. وقد أماط الإمام الستر عن وجه الحقيقة وعن كمية علمه وكيفيته في بعض خطبه وأقسم فيه بالله الذي نفسه بيده ، أنّهم لا يسألونه عن أمر يحدث بينهم وبين
__________________
(١) المصدر نفسه ص ١٢ ـ ١٣.
(٢) قرارات النساء كناية عن الأرحام.
(٣) نهج البلاغة الخطبة ٥٩.
(٤) الشرح الحديدي ج ٥ ص ٧٣ ـ ٧٧.