القيامة إلاّ أخبرهم به وأنّه ما صح من طائفة من الناس ، يهتدي بها مائة وتضل بها مائة إلاّ وهو مخبر لهم إن سألوه برعاتها وقائدها وسائقها ومواضع نزول ركابها وخيولها ومن يقتل منها قتلاً ، ومن يموت منها موتاً ، حيث قال بعد أنّ فرغ من قتال الخوارج :
« أيّها الناس فإنّي فقأت عين الفتنة ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري ، بعد أن ماج غيهبها ، واشتد كلبها.
فاسألوني قبل أن تفقدوني ، فوالذي نفسي بيده ، لا تسألونني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة ، إلاّ أنبأتكم (١) بناعقها وقائدها ، وسائقها ، ومناخ ركابها ، ومحط رحالها ، ومن يقتل من أهلها قتلاً ومن يموت منهم موتاً.
ولو قد فقدتموني ونزلت بكم كرائه الاُمور ، وحوازب الخطوب ، لأطرق كثير من السائلين ، وفشل كثير من المسؤولين ، وذلك إذا قلصت حربكم ، وشمرت عن ساق ، وكانت الدنيا عليكم ضيقاً تستطيلون أيام البلاء عليكم ، حتى يفتح الله لبقية الأبرار منكم.
انّ الفتن إذا أقبلت شبهت ، وإذا أدبرت نبهت ، ينكرن مقبلات ، ويعرفن مدبرات ، يحمن حول الرياح ، يصبن بلداً ، ويخطئن بلداً.
ألا وأنّ أخوف الفتن عندي عليكم ، فتنة بني اُمية ، فإنّها فتنة عمياء مظلمة ! عمت خطتها ، وخصت بليتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمى عنها.
وأيم الله لتجدن بني اُمية لكم أرباب سوء بعدي ، كالناب الضروس ، تعذم بفيها ، وتخبط بيدها ، وتزبن برجلها ، وتمنع درها ، لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم ، إلاّ نافعاً لهم ، أو غير ضائر بهم.
ولا يزال بلاؤهم عنكم ، حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ كانتصار العبد
__________________
(١) مخطوطة النهج : « نبّأتكم ».