ممّا استأثر بعلمه لنفسه ، نعم امكان اطلاع النبي على وقتها بمكان من الامكان إلاّ أنّ البحث في وقوعه لا في امكانه (١).
هذا كله راجع إلى صدر الآية وهو القسم الأوّل من سياقها وإليك بيان الثاني والثالث منه.
الثاني : اثبات علمه بوقت نزول الغيث وما في الأرحام من دون قصر العلم بهما عليه سبحانه.
الثالث : التصريح بجهل البشر بما يكسب غداً وبالأرض التي فيها تموت ولكن استفادة الاستئثار من هذين القسمين ، لا يخلو من غموض وخفاء بل لا يدل عليه فإنّ أقصى ما يستفاد منها عدم اطلاع البشر عليها من عند نفسه ، وهذا لا ينافي اطلاعه عليها بتعليم من الله سبحانه كسائر الاُمور الغيبية ، وتخصيص هذه الموارد بالذكر مع كون الجميع كذلك ، للحث على علم الواجب سبحانه بجلائل الاُمور ودقائقها وجهل البشر بما يهمّه ولا يدل على جريان مشيئة الله على كتمانها عن كل بشر وعدم اعلامها لأحد.
بل يمكن أن يقال : إنّ نفي العلم عن الانسان بهذه الاُمور الأربعة كما لا ينافي امكان اطلاعه عليها بإذن الله واعلامه ، فهكذا لا ينافي امكان وقوف البشر عليها في ظل النواميس الكونية التي تم اكتشافها ، والأدوات العلمية التي تم اختراعها ، فإنّ مثل هذا العلم خارج عن مرمى الآية على احتمال قوي ، بل هي ناظرة إلى أنّ البشر ، بما هو هو من غير أن يستعين بشيء لا يتمكن من الوقوف على هذه الاُمور. وهذا لا ينافي امكان اطلاعه عليها بتعليمه سبحانه أو باتصاله بعوالم روحية أو باستخدام وسائل وأدوات
__________________
(١) ومع ذلك كلّه فيمكن أن يقال : إنّه لو لم يكن هنا سوى قوله سبحانه : ( وعنده علم الساعة ) لم يصح لنا الحكم البات بأنّه ممّا استأثر بعلمه لنفسه ، وإنّما يصح الحكم بعد ملاحظة ما ورد في المقام من الآيات التي عرفتها فلاحظ.